للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكَانَتِ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِرَسْمِ الْحَافِظِ عَلَامَةً فِي أَصْلِ الشَّيْخِ عَلَى مَا يَنْتَخِبُهُ، فَكَانَ النُّعَيْمِيُّ أَبُو الْحَسَنِ يُعَلِّمُ بِصَادٍ مَمْدُودَةٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ بِطَاءٍ مَمْدُودَةٍ، وَأَبُو الْفَضْلِ الْفَلَكِيُّ بِصُورَةِ هَمْزَتَيْنِ، وَكُلُّهُمْ يُعَلِّمُ بِحِبْرٍ فِي الْحَاشِيَةِ الْيُمْنَى مِنَ الْوَرَقَةِ، وَعَلَّمَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْحَاشِيَةِ الْيُسْرَى بِخَطٍّ عَرِيضٍ بِالْحُمْرَةِ، وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِيُّ الْحَافِظُ يُعَلِّمُ بِخَطٍّ صَغِيرٍ بِالْحُمْرَةِ عَلَى أَوَّلِ إِسْنَادِ الْحَدِيثِ، وَلَا حَجْرَ فِي ذَلِكَ وَلِكُلٍّ الْخِيَارُ.

ثُمَّ لَا يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْحَدِيثِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى سَمَاعِ الْحَدِيثِ، وَكَتْبِهِ دُونَ مَعْرِفَتِهِ، وَفَهْمِهِ، فَيَكُونُ قَدْ أَتْعَبَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْفَرَ بِطَائِلٍ، وَبِغَيْرِ أَنْ يَحْصُلَ فِي عِدَادِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، بَلْ لَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ صَارَ مِنَ الْمُتَشَبِّهِينَ الْمَنْقُوصِينَ، الْمُتَحَلِّينَ بِمَا هُمْ مِنْهُ عَاطِلُونَ.

قُلْتُ: أَنْشَدَنِي أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ الْحَافِظِ أَبِي سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ - لَفْظًا - بِمَدِينَةِ مَرْوَ، قَالَ: أَنْشَدَنَا وَالِدِي - لَفْظًا، أَوْ قِرَاءَةً عَلَيْهِ - قَالَ: أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ السَّلَامِيُّ مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ: أَنْشَدَنَا الْأَدِيبُ الْفَاضِلُ فَارِسُ بْنُ الْحُسَيْنِ لِنَفْسِهِ:

يَا طَالِبَ الْعِلْمِ الَّذِي ... ذَهَبَتْ بِمُدَّتِهِ الرِّوَايَهْ

كُنْ فِي الرِّوَايَةِ ذَا الْعِنَا ... يَةِ بِالرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَهْ

وَارْوِ الْقَلِيلَ وَرَاعِهِ ... فَالْعِلْمُ لَيْسَ لَهُ نِهَايَهْ

<<  <   >  >>