وَلِلْعُلَمَاءِ بِالْحَدِيثِ فِي تَصْنِيفِهِ طَرِيقَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: التَّصْنِيفُ عَلَى الْأَبْوَابِ، وَهُوَ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَحْكَامِ الْفِقْهِ، وَغَيْرِهَا، وَتَنْوِيعُهُ أَنْوَاعًا وَجَمْعُ مَا وَرَدَ فِي كُلِّ حُكْمٍ، وَكُلِّ نَوْعٍ فِي بَابٍ فَبَابٍ.
وَالثَّانِيَةُ: تَصْنِيفُهُ عَلَى الْمَسَانِيدِ، وَجَمْعُ حَدِيثِ كُلِّ صَحَابِيٍّ وَحْدَهُ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ، وَلِمَنِ اخْتَارَ ذَلِكَ أَنْ يُرَتِّبَهُمْ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ فِي أَسْمَائِهِمْ، وَلَهُ أَنْ يُرَتِّبَهُمْ عَلَى الْقَبَائِلِ، فَيَبْدَأُ بِبَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ، فَالْأَقْرَبِ نَسَبًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَهُ أَنْ يُرَتِّبَ عَلَى سَوَابِقِ الصَّحَابَةِ، فَيَبْدَأُ بِالْعَشَرَةِ، ثُمَّ بِأَهْلِ بَدْرٍ، ثُمَّ بِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ بِمَنْ أَسْلَمَ، وَهَاجَرَ بَيْنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَفَتْحِ مَكَّةَ، وَيَخْتِمُ بِأَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ كَأَبِي الطُّفَيْلِ، وَنُظَرَائِهِ، ثُمَّ بِالنِّسَاءِ، وَهَذَا أَحْسَنُ، وَالْأَوَّلُ أَسْهَلُ، وَفِي ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّرْتِيبِ غَيْرُ ذَلِكَ.
ثُمَّ إِنَّ مِنْ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ فِي تَصْنِيفِهِ تَصْنِيفَهُ مُعَلَّلًا، بِأَنْ يَجْمَعَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ طَرَفَهُ، وَاخْتِلَافَ الرُّوَاةِ فِيهِ، كَمَا فَعَلَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ.
وَمِمَّا يَعْتَنُونَ بِهِ فِي التَّأْلِيفِ جَمْعُ الشُّيُوخِ، أَيْ: جَمْعُ حَدِيثِ شُيُوخٍ مَخْصُوصِينَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ. ... قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute