وأما التطويل الذي قد ينتفع به بعض الناس أو يحتاج إليه بعضهم فإذا ذكر على هذا الوجه فهو حسن وإن كان يستغني عنه بعض الناس.
والنوع الثاني من الأدلة ما هو صحيح مذكور على أقرب الطرق فهذا حق لا عيب فيه وليس هذا موضع تفصيل الكلام في هذا فإن هذا أعظم من أن يكون تبعا لغيره.
والمقصود هنا التنبيه على أن هؤلاء القائلين بأن العالم معلول لعلة مبدعة وأن معجزات الأنبياء قوى نفسانية هم شر من أكثر المشركين وعباد الأصنام ومما يبين ذلك أن هؤلاء لا يقولون إن العبادات التي شرعتها الرسل إنما غايتها إصلاح خلق الإنسان فإن حكمتهم كحكمة سائر الناس نوعان علمية وعملية والعملية هي إصلاح سياسة الخلق والمنزل والمدينة ويزعمون أن الشرائع مقصودها هو هذا وهو السياسة المدنية والمنزلية والخلقية.
وقد تقدم أنا لا ننكر ما في قولهم من الحق بل ننكر عليهم ما في قولهم من الباطل وننكر عليهم زعمهم أن لا حق فيما جاءت به الرسل إلا ما ذكروه فننكر تصديقهم بكثير من الباطل وتكذيبهم بكثير من الحق ولا ريب أن فيما جاءت به الرسل إصلاح أخلاق الناس وإصلاح منازلهم في عشرة الأهل والأزواج وغير ذلك وإصلاح المدائن بالسياسة العادلة الشرعية لكن هذا كله جزء من مقاصد الرسل وهؤلاء الفلاسفة إنما قالوا هذا لأن الله عندهم لا يجيب دعاء داع ولا يحدث ثوابا لعابد مطيع وليس للنفوس بعد المفارقة عندهم ثواب منفصل عنها