ولا عقاب منفصل عنها ولا يقوم الناس من قبورهم عندهم بل الدعاء عندهم هو تصرف النفس في هيولي العالم والعمل الصالح ثوابه عندهم ما يحصل للنفوس من الهيئة الصالحة والنعيم بعد الفراق عندهم هو نفس تنعمها بما يحصل لها من العلم مع أن في أقوالهم أنواعا من الفساد فإن كمال الإنسان عندهم أن يصير عالما معقولا موازيا للعالم الموجود يتمثل فيه صورة الوجود على ما هو عليه.
ثم إنهم يجعلون ذلك هو العلم بالوجود المطلق والمطلق إنما هو في الأذهان لا في الأعيان ويقولون الفلسفة الأولى هي العلم بالوجود ولواحقه فيقسمون الوجود إلى واجب وممكن وجوهر وعرض والجوهر خمسة أنواع والعرض تسعة أنواع ونحو ذلك وهذا كله علم بأمور كلية مطلقة لا وجود لها إلا في الذهن فليس هو علما بنفس أعيان الحقائق الموجودة في الخارج وليس في شيء من هذا علم بالله ولا ملائكته ولا بأنبيائه بل ولا بسمواته وأرضه فإن العلم بهذه عندهم من العلم الطبيعي لا من علم ما بعد الطبيعة.
فهم ضلوا من وجوه منها ظنهم أن النفس كمالها في مجرد العلم وأن العبادات الشرعية مقصودها تهذيب الأخلاق ورياضة النفس حتى تستعد للعلم فإن هذا باطل قطعا وذلك أن النفس لها قوتان قوة علمية وقوة عملية قوة الشعور والعلم والإحسان وقوة الحب والإرادة والطلب والعمل فالنفس ليس كمالها في أن تعلم ربها فقط بل في أن