للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعرفه وتحبه وإلا فإذا قدر أن النفس تعرف الواجب وهي تبغضه وتنفر عنه وتذمه كانت شقية معذبة بل هذا الضرب من أعظم الناس شقاء وعذابا وهي حال إبليس وفرعون وكثير من الكفار فإنهم عرفوا الحق ولم يحبوه ولم يتبعوه وكانوا أشد الناس عذابا.

بل حب الله تعالى هو الكمال المطلوب من معرفته وهو من تمام عبادته فإن العبادة متضمنة لكمال الحب مع كمال الذل وهذا حقيقة دين إبراهيم الخليل عليه السلام إمام الحنفاء الذي قال الله تعالى فيه: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (سورة النحل ١٢٠) والأمة هو الذي يؤتم به كما أن القدوة هو الذي يقتدى به كما قال في الآية الأخرى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} (سورة البقرة ١٢٤) وإبراهيم الخليل هو الذي عادى هؤلاء كالنمرود وغيره.

فنفس عبادة الله وحده ومحبته وتعظيمه هو من أعظم كمال النفس وسعادتها لا أن سعادتها في مجرد العلم الخالي عن حب وعبادة وتأله وقول هؤلاء من جنس قول جهم وأتباعه الذين يجعلون الإيمان مجرد علم النفس أو تصديقها ولا يجعلون حبها وغير ذلك من أعمالها من الإيمان وقد بينا فساد قول هؤلاء في غير موضع.

وهؤلاء المتفلسفة جمعوا الشر كله فقول جهم بن صفوان الذي عظم السلف الإنكار عليه جزء من قولهم بل المشركون الذين جعلوا مع الله أندادا يحبونهم كحب الله خير من هؤلاء الفلاسفة فإن أولئك أثبتوا محبة الله فجعلوها من كمال الإنسان لكن ضلوا حيث أحبوا مع الله غيره

<<  <  ج: ص:  >  >>