للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانفطارها وتسيير الجبال وسجر البحار وتكوير الشمس والقمر وغير ذلك مما فيه استحالة أجزاء هذا العام من حال إلى حال ليس في شيء من ذلك أن العالم كله بعدم ولا يبقى شيء موجود إلا الله كما يقوله من يقوله من أهل الكلام الذين تلقوا ذلك عن الجهمية.

فإن الجهم أصل قوله أن الله لا يقدر على فعل ما لا يتناهى بل جعل لفعله مبدأ ومنتهى وجعله معطلا في الأزل والأبد ولهذا قال إن الجنة والنار يفنيان ويفنى كل شيء وهذا من بدعه التي أنكرها عليه السلف والأئمة وادعى هو وغيره من المعتزلة وغيرهم أن العالم يعدم كله ثم يعاد كله بعد عدمه كله وهذا مخالف للكتاب والسنة وإجماع السلف كما قد بسط في موضعه.

وكذلك خلق السموات والأرض قد أخبر أنه كان قبل ذلك عرشه على الماء وقد بسطنا القول في هذه المواضع وبينا ما جاء به السمع وهو مطابق للعقل من أن الله خالق كل شيء وكل ما سواه محدث مسبوق بالعدم وذلك غير تعطله سبحانه عن القول والعمل بمشيئته فإن هذا ليس هو قول السلف وأئمة السنة بل الثابت عنهم خلاف ذلك كما قد بسط في موضعه.

ولهذا تكلم الجهمية والقدرية ومن تبعهم في مسألة قدرة الرب بكلام ناقص جدا ومن نظر في بحوث الرازي وأمثاله معهم في مسألة القادر رأى عجائب ورأى أن الواحد من هؤلاء كأنه يبطن خلاف ما يظهر، يظهر الانتصار لقوله وكلامه يدل على نقيضه فإن كان مع ظهور رجحان أحد القولين لا يشعر برجحانه فهذا جهل عظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>