للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

وأولئك أثبتوا موجبا بالذات مستلزما لمعلوله مجردا عن الصفات وهذا فاسد من وجوه كثيرة قد بينا بعضها وهؤلاء أثبتوا قادرا يرجح أحد المتماثلين بلا مرجح أصلا وقالوا القادر من يفعل مع جواز أن لا يفعل وهذا إنما هو قول القدرية الذين يقولون إن العبد يرجح أحد مقدوريه بلا مرجح وهو قول الجهمية والقدرية في فعل الرب فأما أهل السنة فعندهم القادر لا يرجح أحد مقدوريه إلا بمرجح وهذا من حججهم على القدرية.

يقول أهل السنة إن الله خص المطيعين بما به رجحوا الطاعة على المعصية دون العصاة ولولا تفضله عليهم بما به رجحوا لم يطيعوه كما قد بسط هذا في موضعه والقادر إذا كان له إرادة تامة لزم وجود مقدوره فهو يوجب بقدرته ومشيئته ما يريده وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وكل ما شاءه الرب فواجب كونه وما لم يشأ فيمتنع كونه لكن وجوب لوجود مشيئته وامتناع لعدم مشيئته وإذا فسر القادر المختار بمثل هذا بطلت شبه الفلاسفة النافية للقادر المختار وكذلك الجهم بن صفوان ومن اتبعه يزعمون أن القادر المختار يرجح أحد المتماثلين على الآخر بلا سبب ولا حكمة فأنكروا ما في الأجسام من الطبائع وما في خلق الله وأمره من الحكمة وما في المخلوقات والشرائع من الأسباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>