للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العرب، فهو سهل عليها وبطبيعة منها؛ وكل شيء تقوله العجم، فهو تكلف واستكراه.

وللعرب البديهة في الرأي والقول خاصة، ولهم الكنى مع أسماء خاصة، وهي من التعظيم؛ وقد زعم قوم من الفرس: أن فيهم الكنى، واحتجوا بقول عدي ابن زيد.

أين كسرى كسرى الملوك أبوسا ... سان أم أين قبله سابور

وليس كذلك، إنما كناه عدي بن زيد على عادته، حين أراد تعظيمه، إن صحت الكنية في هذا البيت.

فأما عمرو بن العلاء، ويونس النحوي، وأبو عبيدة، فرووا جميعاً أن عدياً قال:

أين كسرى كسرى الملوك أنوشر ... وان، أم أين قبله سابور

فأخطأ الرواية، وقيل ذلك عنه من لا علم له، وليس في الأرض أعجمي له كنية إلا أن تسكنيه العرب.

وليس في الناس أشد عجبا بالخيل من العرب، ولا أصنع لها، وأكثر لها ارتباطا، ولا أشد لها إيثاراً، ولا أهجا لمن لا يتخذها، أو لمن اتخذها وأهانها، وأهزلها، ولا أمدح لمن اتخذها وأكرمها ولم يهنها، ولذلك أضيفت الخيل إليهم بكل لسان، حتى قالوا جميعاً: هذا فرس عربي، ولم يقولوا: هذى فرس هندي، ولا رومي، ولا فارسي، فحصنوها تحصين الحرم، وصانوها صون الأعراض، ليبتذلوها يوم الروع وليدركوا عليها الثأر.

وكانوا يؤثرونها على أنفسهم وأولادهم، ويصبرون على مؤونتها في الجدب والأزل، ويغتبقون الماء القراح، ويؤثرونها بالحليب، لأنها كانت حصونهم

<<  <   >  >>