للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجود والأنفة والحمية التي لا يدانيهم أحد فيها، ولا يتعلق بها روميٌ ولا هندي ولا فارسي، لأن هذه الأمم كلها بخلاف العرب شيماً.

ثم لهم من بعد الهمم، والطلب بالطوائل، ما ليس لغيرهم، مع المعرفة بمساقط النجوم، والعلم بالأنواء، وحسن المعرفة بما يكون منها للاهتداء.

ولهم خط العربية، مع الحفظ لأنسابهم، ومحاسن أسلافهم، ومساوئ أكفائهم، للتعاثر بالقبيح والتفاخر بالحسن، ليجعلوا ذلك عوناً لهم على إثبات الجميل، واصطناع المعروف، ومزجرة لهم عن إثبات القبيح وفعل العار، وليؤدبوا أولادهم بما أدبهم به آباؤهم، ثم الحفظ الذي لا يقدر أحد على مثله، وإن دونه عنده وجلده في كتبه.

وخصلة لا تصاب إلا فيهم، وذلك أن العي والبيان في كل قوم مبثوث متفرق، ولست واجداً بالبادية عياً رأساً، على أنهم وإن تفاوتوا في البيان فليس ذلك بمخرج أحسنهم إلى العي.

وفيهم أيضاً خصلة لا تصاب إلا فيهم، وذلك أن سلفة كل جيل وعلية كل صنف إذا اشتد تشاجرهم، فطالت ملاحاتهم، وكثر مزاحمهم، والدعابة بينهم، وجدتهم يخرجون إلى ذكر الحرمات، وشتم الأمهات، واللفظ السيئ، والسفه الفاحش، ولست بسامع من هذا وشبهه حرفاً بالبادية، لا من صغيرهم ولا كبيرهم، ولا جاهلهم، ولا عالمهم، وكيف يقولون هذا والحيان منهم يتعايبان بدون ذلك.

وليس في الأرض صبيان في عقول الرجال غير صبيانهم، وكل شيء تقوله

<<  <   >  >>