للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال إبراهيم: وكيف نأمن كذب الصادق، وخيانة الأمين، وقد ترى الفقيه يكذب في الحديث، ويدلس في الإسناد، ويدعى لقاء من لم يبلغه، من غريب الخبر ما لم يسمعه، ثم لا يرى أن يرجع عن ذلك في مرضه بل أن تغرغر نفسه وقد أيقن بالموت، وأشفى على حفرته، بعد طول إصراره، والتمتع بالرياسة في حياته، وأكل أموال الناس به؟ ولولا أن الفقهاء والمحدثين، والرواة والصلحاء المرضيين، يكذبون في الأخبار، ويغلطون في الآثار، لما تناقضت آثارهم، ولا تدافعت أخبارهم.

قالوا: ولو وجب علينا تصديق المحدث اليوم لظاهر عدالته، لوجب علينا تصديق مثله، وإن روى ضد روايته، وخلاف خبره، وإذا نحن قد وجب علينا تصديق المتناقض، وتصحيح الفاسد، لأن الغلط في الأخبار، والكذب في الآثار، لم تجده خاصاً في بعض دون بعض!!

قال إبراهيم: وكيف لا يغلطون، ولا يكذبون، ولا يجهلون، ولا يتناقضون؛ والذين رووا منهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا عدوى ولا طيرة، وأنه قال: فمن أعدى الأول؟ هم الذين رووا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: فر من المجذوم فرارك من الأسد، وأتاه رجل مجذوم ليبايعه بيعة الأسلام، فأرسل إليه من بايعة مخافة أعدائه؛ وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين توجه إلى بدر أراد أن ينزل الصفرا، وهي بين جبلين، فسأل عن اسميهما، وعن الحيين النازلين بهما، فقيل: ينزلهما بنو النار، وبنو حراق، بطنان من بني عفار، فتطير منهما، وتعداهما إلى غيرهما، واسم الجبلين الضيقين.

وأنه قال: الشؤم في المرأة والدار والدابة.

قال: والذين يروون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: خير أمتي القرن الذي بعثت فيه، هم الذين رووا أن النبي صل الله عليه وآله وسلم قال: (مثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أم آخره) .

قال: والذين رووا منهم أن الصعب بن جثامة قال: يا رسول الله ذرارى المشركين

<<  <   >  >>