الفارسي، وللدهر السهام الصائبة والقسي، فأطال عليه مدة الحصار، وما قدر منه على انتصار، فهم عنه بالإقلاع، حتى كان من النضيرة إطلاع، فرأت سابور فعشقته، فرمت أباها بالحتف ورشقته، وخانته وهي عنده أمينة، وأرسلت إلى سابور أنها له بالفتح ضمينه، وشارطته على النكاح والإيثار، وأعلمته أن عورة الحصن من الثرثاء، وعبقت أباها المدام، وسقت الحراس والخدام، وأرسلت إليه من شدة الغلمة، عند اعتكار الظلمة، إن إئت من السرب، فهذه الليلة ليلة القرب؛ فبعث إليها بالبطال، فقضى الدين بعد المطال، وطلع الفجر على أهل الحصن بالذما، وبلت العراص منه بالدما، فقتل سابور الضيزن وقومه، ولن يعد معمر يومه، وبدل الحضر خراباً بحده، وغضارة الأيام إلى مده، وأصبح خراباً تضغو به الثعالب، وللقدر أسباب وجوالب، وبات سابور بالنضيرة معرساً، وكان في العواقب متفرساً، فتجافى جنبها عن المهاد، فسألها عما لقيت من السهاد، فشكت خشونة المضجع، ومنعها ذلك أن تهجع، فقال: إنه فراش حشوه زغب النعام، لا ما يتخذ من وبر الأنعام، ولم تنم الملوك على ألين ولا أوطأ منه، فما تجافيك أيتها المرأة عنه؟ ونظر إلى ورقة من آس بين عكنتين من عكنها، فتناولها فسال موضعها دماً من بدنها، فقال: بم كان يغذوك أبواك، في طول مقامك معهما ومثواك؟ فقالت: بالمخ والزبد، وصفو الخمر والشهد، فقال: إذا كان هذا حالك معهما، فلن تصلحي لأحد بعدهما، وينبغي ألا أركن إليك، وقد فعلت ما فعلت بأبويك، وأمر بها فشدت ذائبها بين فرسين فقطعاها، ما رعت الصنيعة ولا رعاها، وصلاح الدهر إلى فساد، وكم رحم غابط من الحساد، ولكل أجل كتاب، وليس من الزمن