للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ذهب، فقطعت رواهشه، قال عدي بن زيد:

فقدمت الأديم لراهشيه ... وألفى قولها كذباً ومينا

وكان قيل لها: احتفظي بدمه، فإن أصابته الأرض منه قطرة طلب بثأره؛ فقطرت قطرة من الدم إلى الأرض، فقالت: لا تضيعوا دم الملك: فقال جذيمة: دعوا دماً ضيعه أهله، فأرسلها مثلاً، ومات.

ونجا قصير بن سعد على العصا، فصار إلى عمرو بن عدي بن نصر اللخمي، وهو ابن أخت جذيمة؛ فقال له قصير: ألا تطلب بثأر خالك؟ فقال عمرو: وكيف أقدر على الزباء، وهي أمنع من عقاب الجو؟ فأرسلها مثلاً. فقال له قصير: اجدع أنفي وأذني واضرب ظهري حتى تؤثر فيه، ودعني وإياها؛ ففعل عمرو ذلك، ولحق قصير بالزباء، وقال لها: لقيت ذلك من أجلك! قالت: وكيف ذلك؟ قال: إن عمراً قال إني أشرت على خاله بالخروج، حتى فعلت به ما فعلت؛ ثم أحسن خدمتها، وأظهر لها النصيحة، حتى حسنت منزلته عندها، ورغبها في التجارة، فبعثت معه عيراً إلى العراق، فصار قصير إلى عمرو مستخفياً، فأخذ منه مالاً وزاده على مالها، واشترى لها طرفاً من طرف العراق، ورجع إليها، فأراها تلك التجارة والأرباح، فسرت به، ثم كر كرة أخرى فأضعف لها المال، فلما كان في الكرة الثالثة، اتخذ جواليق من المسوح وجعل ربطها من أسافلها إلى داخل وأدخل في كل جولق رجلاً بسلاحه وواحد الجوالق جولق بضم الجيم وهو اللبيد أيضاً، ومنه اشتق اسم لبيد الشاعر. وأقبل إليها، فجعل يسير الليل ويكمن النهار، وأخذ عمراً معه، وكانت الزباء قد صور لها صورة عمرو قائماً وقاعداً وراكباً، وكانت قد اتخذت نفقاً قد أجرت عليه الفرات، من قصرها إلى قصر

<<  <   >  >>