للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يكون تغير الصور راجعا إلى الملك والفعل، أو تكون الصورة بمعنى الصفة كما يَقُول القائل: عرفني صورة هَذَا الأمر أي صفته فيحصل تقدير ما يظهر لهم من بطشه وشدة بأسه يوم القيامة وقد عرفوه حليما غفارا كريما، فيظهر لهم منها قولا: " أنا ربكم " فيقولون عند ذَلِكَ: " نعوذ بالله منك مستعيذين بالله، هَذَا مكاننا حتى يأتينا " بمعنى حتى يظهر رحمته وكرمه، فيأتيهم بعد ذَلِكَ فِي الصورة التي يعرفونها من العفو والمغفرة.

قيل: هَذَا غلط لأنه لا يجب حمله عَلَى شيء مما ذكروه لأنا نطلق صفة الأتيان لا عن انتقال، ونطلق الصورة لا عَلَى وجه التشبيه، كما أطلقنا تسمية نفس وذات ووجه ويد.

أما تغير الصورة فليس بتغير، لأنه لا يمتنع أن يكون جميع ذَلِكَ صفات له يحجبهم عن النظر إلى شيء منها فِي حال، ويريهم إياها فِي حال أخرى، كما جاز أن يريهم ذاته فِي حال ويمنعهم ذَلِكَ فِي حالة أخرى، وإذا كان كذلك لم يجز منه ما قالوه من تغير الصور عليه.

وأما حمله عَلَى الملك والفعل فقد أفسدناه من الوجوه التي تقدمت، وكذلك حمل الصورة عَلَى الصفة لا يصح لما ذكرنا وهو أن فِي الخبر " فيأتيهم فيتبعونه " وهذا لا يصح فِي الملك.

والثاني: أنه لو جاز تأويله عَلَى هَذَا جاز تأويل قوله: " ترون ربكم ".

والثالث: أن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تكلم بهذا فِي جواب سؤالهم عن رؤية الله فِي الآخرة اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>