فإن قيل: يحتمل أن يكون قوله: " يأتيهم الله " معناه يأتيهم خلق من خلقه من الملائكة يتصور لهم ويخاطبهم بأمر الله وأضاف ذَلِكَ إليه، كما يقال: ضرب الأمير اللص معناه أمر بضربه، يدل عَلَى ذَلِكَ قولهم:" نعوذ بالله منك " ولو كان هو
الإله لقالوا: نعوذ بك.
قيل: هَذَا غلط لقوله: " فيأتيهم الله " ولأن القوم سألوه هل نرى ربنا؟ قَالَ:" نعم يجمع الله الناس ثم يأتيهم فيقولون: أنت ربنا " فاقتضى ذَلِكَ إتيانا يرونه منه.
وأما قولهم:" نعوذ بالله منك " فلا يمتنع مثل هَذَا، كما روي أنه كان فِي دعاء النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أعوذ بك منك " ولا يمتنع أن يذكر الاسم الظاهر فِي موضع الكناية كما قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ} وتقديره نحشر المتقين إلينا.
فإن قيل: فقد حكي عن أَبِي عاصم النبيل أنه كان يَقُول: ذَلِكَ تغير يقع فِي عيون الرائين كنحو ما يتخيل إلى الإنسان الشيء بخلاف ما هو به فيتوهم الشيء عَلَى الحقيقة.
قيل: هَذَا غلط لأن فِي الخبر أنه قَالَ: " فيأتيهم الله فِي غير الصورة التي يعرفونها فيقولون: نعوذ بالله منك، ثم يأتيهم فِي الصورة التي يعرفونها فيقولون: أنت ربنا ويتبعونه " وهذا الفرق بين الصورتين لا يكون عن تغير يقع فِي العين وإنما يكون عن تميز صحيح.
فإن قيل: لا بد من حمل الخبر عَلَى نوع مما ذكرنا لاستحالة أن يكون الله سُبْحَانَهُ عَلَى صور كثيرة يجهلونه مرة ويعرفونه أخرى، أو يكون ممن يحل الصور فتنتقل الصور به لاستحالة أن يكون حالا أو محلا للصور أو مصور، فلم يبق إلا