٢٢٧ - وقد أطلق أَحْمَد القول بذلك فيما خرجه فِي الرد عَلَى الجهمية فقال: قد أَخْبَرَنَا أنه فِي السماء فقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} وَقَالَ، عَزَّ وَجَلَّ:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} وَقَالَ: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} وَقَالَ: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} وَقَالَ: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} وَقَالَ: {ذِي الْمَعَارِجِ} وَقَالَ: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} فقد أخبر الله سُبْحَانَهُ أنه فِي السماء، وهو الله عَلَى العرش.
فقد أطلق أَحْمَد القول بذلك، واحتج بهذه الآيات عَلَى جواز القول به وسنعيد الكلام فِي موضع آخر إن شاء الله، ولأنه ليس فِي ذَلِكَ ما يحيل صفاته، ولا يخرجه عما تستحقه، وذلك أنا لا نقول هو فِي السماء عَلَى وجه الإحاطة، بل نطلق ذَلِكَ كما أطلقنا جواز رؤيته، لا عَلَى وجه الإحاطة وإن لم يكن ذَلِكَ معقولا فِي الشاهد، وكما قَالُوا فِي قوله:{عَلَى الْعَرْشِ} معناه: عال عليه، ولم يوجب ذَلِكَ كونه فِي جهة، وإن كنا نعلم أن العلو غير السفل.
فإن قيل: لا يجوز السؤال عنه بأين هو لأنه ليس فِي جهة، وإنما يصح السؤال عمن هو فِي جهة، ولا يصح الجواب عنه بأنه فِي السماء، لأن فِي حقيقته للظرف والوعاء ولا يجوز وصفه بذلك.
قيل: هَذَا غلط لأنه لا يمتنع جواز السؤال عنه، ولا يفضي إلى الجهة، وجواز الجواب عنه بأنه فِي السماء لا يفضي إلى الوعاء، كما جاز إطلاق القول بأنه عال عَلَى العرش ولم يفض إلى الجهة، وإن كنا نعلم أن العلو غير السفل، وكذلك جاز القول برؤيته لا فِي جهة وإن لم يكن مرئيا فِي الشاهد إلا فِي جهة،