كذلك هاهنا، وكذلك الحركة فِي الجسم، وإن لم تكن حالة فيه.
فإن قيل: هَذِهِ اللفظة قد تستعمل فِي السؤال عن المكان فيقال: هو فِي البيت أم فِي المسجد؟ وتستعمل فِي الإستعلام عن المنزلة فيقال: أين فلان منك ومن الأمير؟ وقد تستعمل فِي الإستعلام للفرق بين الرتبتين فيقولون: أين فلان من فلان، يعني بذلك، فِي الرتبة والمنزلة فيحتمل أن يكون قوله: أين الله استعلاما لمنزلته وقدره عندها، وفي قبلها، وأشارت أنه فِي السماء، أي رفيع الشأن عظيم المقدار، عَلَى معنى قوله القائل إذا أراد أن يخبر عن منزلة رجل: منزلة فلان فِي السماء، أي هو رفيع الشأن.
قيل: هَذَا غلط، لأن الحقيقة فِي هَذِهِ اللفظة أنها استفهام عن المكان دون المنزلة والرتبة، وإنما تستعمل فِي ذَلِكَ عَلَى طريق المجاز فكان حملها عَلَى الحقيقة أولى.
وجواب آخر: وهو أنه لو كان استفهاما عن المنزلة لأنكر عليها جوابها بما يرجع إلى غير ما سألها، فلما لم ينكر ذَلِكَ امتنع صحة هَذَا التأويل.
وجواب آخر: وهو أن الأمة كانت من الطغام، ولا يضاف إليها المعرفة بحمل المكان عَلَى الرفعة وعلو المنزلة.
فإن قيل: فإذا لم يكن سؤالا عن المنزلة لم يبق إلا سؤال عن المكان، وأنتم لا تثبتون ذَلِكَ.
قيل: بل هو سؤال عن كونه فِي السماء لا عَلَى وجه الحلول فإن قيل: يحتمل أن يكون قولها فِي السماء معناه: فوقها، كما قَالَ تَعَالَى:{فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ} معناه عليها، وكذلك قوله تَعَالَى:{وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} معناه عليها، يبين صحة هَذَا قوله تَعَالَى:{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} فوصف نفسه بذلك وقوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ