وصفناه بالحياة وأنه حي بحياة، ولم نصفه بالحركة والانتقال والتحول، وإن كنا نعلم فِي الشاهد أن الحي لا ينفك عن الحركة والانتقال والتحول، وكذلك قد وصف أمره بالمجيء فقال:{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا} ولم يوجب ذَلِكَ انتقال فِي الموضعين، وكذلك جاء الليل وجاء النهار وجاءت الحمى، وإن لم يوجب ذَلِكَ انتقال، وكما أطلقنا القول بالاستواء وحمله بعضهم عَلَى العلو، ولم يوجب ذَلِكَ حدوثه فِي جهة العلو بعد أن لم يكن، وإن كان حقيقة، ثم فِي اللغة للتراخي، ولا أوجب له الجهة، وإن كان العلو غير السفل كذلك هاهنا.
٢٦١ - وقد قَالَ أَحْمَد فِي رسالته إلى مسدد: إن الله، عَزَّ وَجَلَّ، ينزل فِي كل ليلة إلى السماء الدنيا ولا يخلوا من العرش.
فقد صرح أَحْمَد بالقول إن العرش. لا يخلوا منه، وهكذا القول عندنا فِي قوله:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ} والمراد به مجيء ذاته لا عَلَى وجه الانتقال.
وكذلك قوله:{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} المراد به مجيء ذاته لا عَلَى وجه الانتقال.
وقد حكينا كلام أَحْمَد فِي ذَلِكَ فِي رواية أَبِي طالب وحنبل وكلام أَبِي إسحاق فِي الكلام عَلَى قول النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أتاني ربي فِي أحسن صورة "، وليس يمتنع أن نثبت له نزول ذات لا عَلَى وجه الانتقال لا يعقل معناه، وإن لم يعقل هَذَا فِي الشاهد، كما أثبتنا ذاتا ويدين ووجها وعينا لا يعقل معناه.