اعلم أَنَّهُ ليس المراد بالإشارة إِلَى العضو والجارحة الَّتِي لا مدح فِي إثباتها، لأَنَّ القديم سُبْحَانَهُ يستحيل عَلَيْهِ ذلك، وإنما المراد بذلك تحقيق السمع والبصر الَّذِي فِي إثبات المقصود أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يرى المرئيات برؤيته، ويسمع المسموعات بسمعه، فأشار إِلَى الأذن والعين تحقيقا للسمع والبصر لأجل أنهما محل للسمع والبصر، وقد يسمى محل الشيء باسمه لما بينهما من المجاورة والقرب.
ولأن هَذَا الخبر أفاد أن وصفه عَزَّ وَجَلَّ بأنه سميع بصير لا عَلَى مَعْنَى وصفه بأنه " عليم " كَمَا ذهب إِلَيْهِ بعض أهل النظر ولم يثبتوا لله عَزَّ وَجَلَّ فِي وصفنا لَهُ بأنه " سميع " مَعْنَى خاصا، وفائدة زائدة عَلَى وصفنا لَهُ بأنه عليم، فأفاد بذلك تحقيق مَعْنَى السمع والبصر، وأنه مَعْنَى زائد عَلَى العلم، إذ لو كان مَعْنَى ذلك العلم لكان يشير إِلَى القلب الَّذِي هُوَ محل العلم، لينبه بذلك عَلَى معناه، فلما أشار إِلَى العين والأذن - وهما محلان للسمع والبصر - حقق الفرق بين السمع والبصر وبين العلم
٣١٩ - وَفِي مَعْنَى هَذَا مَا رَوَى أَبُو عبد اللَّه بْن بطة بِإِسْنَادِهِ، عَن أنس بْن مالك، أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إن الدجال أعور، وإن ربكم ليس بأعور "