ولأنه ليس فِي ذلك مَا يوجب خلق القرآن وَلا حدوثه، كَمَا لَمْ يكن فِي قولنا تكلم مَا يوجب حدوثه
فإن قِيلَ: بل فِيهِ مَا يوجب حدوثه وخلقه، وذلك أن القراءة عبارة عَن جمع الشيء، وَمِنْهُ قولهم: مَا قرأت هَذِهِ الناقة سلا قط، أي: مَا جمعت فِي رحمها ولدا، وكذلك قولهم: قرأت الماء فِي الحوض وقرأت اللقمة فِي في، ومتى وصفنا القرآن بالجمع، وصفناه بصفة توجب حدوثه.
قيل: يحتمل أَنْ يَكُونَ الجمع راجعا إِلَى أحد وجهين:
أحدهما: إِلَى أحكامه وشرائعه، لا إِلَى نفس الكلام الَّذِي هُوَ الصفة لقيام الدليل عَلَى قدمه والقديم لا يصح جمعه، وأحكامه مجموعة فِي الجملة ومفصلة فِي الآيات والسور، ويكون ذكر السور والآيات علامات لتفصيل الأحكام