سنه فيكون ذلك رواية عن مجهول, لا يجوز قبول خبره حتى يعرف من روى عنه.
٣- تدليس التسوية:
وهو أن يروي حديثا عن شيخ ثقة غير مدلس, وذلك الثقة يرويه عن ضعيف عن ثقة, فيأتي المدلس الذي سمع من الثقة الأول غير المدلس فيسقط الضعيف الذي في السند, ويجعل الحديث عن شيخه الثقة الثاني بلفظ محتمل, فيستوي الإسناد كله ثقات, وهذا شر أقسام التدليس, قادح فيمن تعمد فعله.
قال العلائي في كتابه التحصيل في المراسيل: "ولا ريب في تضعيف من أكثر من هذا النوع, وقد وقع فيه جماعة من الأئمة الكبار ولكن يسيرا كالأعمش والثوري".
وممن نقل عنه فعل ذلك بقية بن الوليد, والوليد بن مسلم, والحسن بن ذكوان.
وقد نقل الذهبي عن أبي الحسن بن القطان في بقية أنه يدلس عن الضعفاء ويستبيح ذلك, وهذا إن صح عنه مفسد لعدالته, وعلق الذهبي على هذا بأنه صح عنه أنه يفعله, وكذلك صح عن الوليد بن مسلم وعن جماعة كبار فعله, وهذا يليه منهم ولكنهم فعلوا ذلك باجتهاد, وما جوزوا على ذلك الشخص الذي يسقطون ذكره بالتدليس أنه تعمد الكذب, وهذا أمثل ما يعتذر به عنهم.
وقال السيوطي في التدريب: "وهذا النوع من التدليس يسميه القدماء تجويدا, فيقولون: "جوده فلان" أي ذكر من فيه الأجواد وحذف غيرهم", قال الشافعي: "يثبت أصل التدليس بمرة واحدة" وقال ابن الصلاح: "والحكم بأنه لا يقبل من المدلس حتى يبين, قد أجراه الشافعي فمن عرفناه دلس مرة, وممن حكى هذا القول عن الشافعي البيهقي في المدخل".
طبقات المدلسين:
المدلسون ليسوا على حد واحد بحيث تتوقف في كل ما قال فيه كل واحد منهم (عن) أو وحدة من أختيها اللتين تقدمتا معها أو بغير أداة ولم يصرح بالسماع بل هم خمس طبقات:
أولا: من لم يوصف بالتدليس إلاّّ نادرا جدا بحيث ينبغي ألا يعد في المدلسين كيحيي بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وموسى بن عقبة, ممن سيأتي ذكرهم في طبقتهم إن شاء الله.
ثانيا: من احتمل الأئمة تدليسه وخرّجوا له في الصحيح وإن لم يصرح بالسماع, وذلك لواحد من أسباب ثلاثة:
أ - إما لإمامته.
ب - وإما لقلة تدليسه في جنب ما روى
ج - وإما لأنه لا يدلس إلاّ عن ثقة, كالزهري وسليمان الأعمش وإبراهيم النخعي وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وحميد الطويل والحكم بن عتيبة ويحي بن أبي كثير وابن جريح والثوري وابن عيينة وشريك القاضي وهشيم, ممن ستأتي تراجمهم في طبقتهم - إن شاء