للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يومها ولكن أوحى الله إليه بها وهو في ظلمات البئر {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا} بيع بما ذكرت الآية {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} ، والمرة الثانية التي بيع فيها هذا النبي العزيز، لما بيع لعزيز مصر الذي اشتراه من إخوته {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} .

وهل كان الإسلام موجودا لما انتشر في عهد الدولة الرومانية بناء على قانون آمِرٍ بالاسترقاق لكل من يقترض ويعجز عن قضاء دينه، ليصبح الذل ذلين، ذل الفقر وذل الاستعباد.

وهل كان الإسلام موجودا لما كان اليهود يجعلون الرق شيئا مأمورا به واجب التنفيذ، لما سجلوه على النحو التالي في كتبهم، في الإصحاح الحادي والعشرين من سفر الخروج ٢-١٢ ما نصه (إذا اشتريت عبدا عبرانيا، فست سنين يخدم، وفي السابعة يخرج حرا مجانا، إن دخل وحده، لوحده يخرج، إن كان بعل امرأة تخرج امرأته معه، وإن أعطاه سيده امرأة وولدت له بنين وبنات، فالمرأة وأولادها يكونون للسيد، وهو يخرج وحده ولكن إذا قال العبد: أحب سيدي وامرأتي وأولادي لا أخرج حرا، يقدمه سيده إلى الله، ويقربه إلى الباب أو إلى القائمة، ويثقب سيده أذنه بالمثقب يخدمه إلى الأبد، وإذا باع رجل ابنته أمة لا تخرج كما يخرج العبيد) ، (هذا عن استعباد العبراني) أما عن غير العبراني فاسمع العجب الذي قالوه:

إن حام بن نوح - وهو أبو كنعان - كان قد أغضب أباه، لأن نوحا سكر يوما - هكذا جعل اليهود نوحا عليه السلام سكيرا - ثم تعرى وهو نائم في خبائه، فأبصر حام ذلك، فلما علم نوح بهذا بعد استيقاظه غضب، ولعن نسله الذين هم كنعان، وقال في سفر التكوين إصحاح ٩: ٢٥ و٢٦: ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته، وقال مبارك الرب إله سام، وليكن كنعان عبدا لهم، وفي الإصحاح نفسه: ٢٧: ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام، وليكن كنعان عبدا لهم.

وها أنت لاحظت أيها القارئ الأوامر المشددة التي قرأتها بتنفيذ الاستعباد بأبشع وجه وأفحش صورة.

وهل كان الإسلام موجودا لما جاءت النصارى بعد اليهود ليأمر ملكهم بولس بما تسمع وتعجب:

أيها العبيد، أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح، ولا بخدمة العين كمن يرضي الناس، بل كعبيد المسيح، عاملين بمشيئة الله من القلب، خادمين بنية صالحة كما للرب ليس للناس، عاملين أنه مهما عمل كل واحد من الخير فذلك يناله من الرب عبدا كان أم حرا، وأوصى بطرس بمثل هذه الوصية وأوجبها آباء الكنيسة.

وفي المعجم الكبير للقرن التاسع عشر (لاروس) ما يلي: (لا يعجب الإنسان من بقاء الرق واستمراره بين المسيحيين إلى اليوم، فإن ثواب الدين الرسميين يقرون صحته ويسلمون بمشروعيته) وفي قاموس الكتاب المقدس: (إن المسيحية لا تعترض على العبودية من وجهها السياسي ولا من وجهها الاقتصادي، ولم تحرص (المؤمنين) أي بالمسيحية - على منابذة جيلهم في آدابهم من جهة العبودية.

واسمع عن المسيحية التي استعمرت أفريقيا قرابة خمسة قرون أخيرا:

تقول دائرة المعارف البريطانية ج٢ ص٧٧٩: إن اصطياد الرقيق من قراهم المحاطة بالأدغال

<<  <  ج: ص:  >  >>