للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان يتم بإيقاد النار في الهشيم الذي صنعت منه الحظائر المحيطة بالقرى، حتى إذا نفر أهل القرية إلى الخلاء تصيدهم الإنجليز بما أعدوا لهم من الوسائل، ويموت في أثناء الشحن ٤.٥% و١٢% أثناء الرحلة، وهكذا فعل الأسبانيون والبرتغاليون وبقية دول أوربا التي أذلت هذه القارة دهورا طويلة، إلى أن قالت دائرة المعارف: وبلغ من استعبد في هذه المدة من ١٦٨٠: ٨٦م أكثر من مليوني عبد، وكانت الملكة (اليزابث الأولى) من أكبر المتاجرين في العبيد، وكان المورّد لها أكبر نخاس في العالم يسمى (جون هونكز) وقد أهدت إليه الملكة شعارا من تمثال لعبد موصدا بالسلاسل والأغلال، أما أمريكا فقد بلغ عدد العبيد فيها قرابة عشرين مليونا يوما ما، وكانت هذه الصورة البشعة بناء على فتوى من أحبار ورهبان اليهود والمسيحيين بأن استعباد السود واجب، وعللوا الفتوى بأنهم من سلالة يافث بن نوح، وظلوا على هذه العقيدة حتى قرن الحضارة الحالي، القرن العشرين، ويرجع تاريخ هذه الفتوى التي أخذت شكل القانون الواجب تطبيقه إلى عام ١٦٨٥، وكان من ضمن بنوده وإن كانت قد خفت حدته في السنوات الأخيرة (من اعتدى على السادة من العبيد بأقل اعتداء قتل، وإذا سرق عوقب أشد العقاب، وإذا أبق العبد قطعت أذناه ورجلاه وكوي بالحديد المحمّى، وإذا أبق للمرة الثانية قتل.

وفي عهد لويس الرابع عشر الفرنسي صدر قانون ينص على (احتقار الجنس الأسود مهما كانت منزلته، ولا يعطون مميزات الجنس الأبيض بأي حال) ، وأنذر من لم يخرج من البلاد قبل يناير سنة ١٨٦٠م سيباع في المزاد العلني.

فهل هذا كله في تعاليم الإسلام أو فعله المسلمون، أم كان كما ذكرنا وهو قليل من كثير اكتفينا بما أوردنا تحاشيا للتطويل، ومثل يكفي عن أمثال، وهكذا فعله غيرنا، وهذا الغير هو عدونا فعله ونسبه إلينا، على طريقة (ضربني وبكى، وسبقني واشتكى) و (رمتني بدائها وانسلت) ، ليشفوا ما بصدورهم من عداوة الديانة، وضغينة العقيدة.

فماذا فعل الإسلام لما جاء، ووجد هذا الوباء قد هيمن على الأرض في كل الأرجاء، كان من الحكمة ومن جمال التنظيم الإلهي لملكوته، ألا يلغيه سبحانه بمجرد جملة وحي ينزلها، وإنما درجها على طريقة ما فعل تعالى في أمر الخمر، فملأ قرآنه بتشريعات جعل الشرط الأول في كفارتها عتق الرقاب وحرية هؤلاء الأدلاء، فقتل الخطأ بأنواعه الثلاثة، قتل مطلق ولو كان ذا قربى، وقتل عداوة الخصومة والمقتول مؤمن، وقتل المترابطين بميثاق ولو غير مؤمن، يلزم فاعل الحالات الثلاثة بعتق رقبة، ولا يقبل غيرها ما دام يملكها.

الإفطار العمد في رمضان، كذلك.

كفارة الظهار، كذلك.

كفارة اليمين، كذلك.

وبغير كل ما مر جعل الإسلام أعظم ما يتقرب به المسلم إلى ربه عتق الرقاب، ولنقدم نماذج رائعة ليعرف الكل كيف كنا مع هذا التوجيه السماوي الرفيع، بادئا بأقوال من رسولنا صلى الله عليه وسلم ثم بمن دونه.

<<  <  ج: ص:  >  >>