للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد جمعهن أحد العلماء في الأبيات الثلاثة الآتية:-

توفى رسول الله عن تسع نسوة ... إليهن تعزى المكرمات وتنسب

فعائشة ميمونة وصفية حفصة ... تتلوهن هند، وزينب

جويرية مع رملة ثم سودة ... ثلاث وست ذكرهن مهذب

ويلاحظ لمجرد ذكر أسمائهن وأنسابهن، أنهن يجمعن باقة أشهر القبائل العربية وأقواها، لهذا كان اختيار هن وسيلة من وسائل شد هذه القبائل بصاحب الرسالة صلوات الله عليه، ليكون ذلك صورة من صور التبليغ عندما تقع المصاهرة، وهى من أهم وشائج الصلات عند العرب. وأظهرها وقوع التواصل والتلاقي، وترديد اسم مشهور لخير من زاوج وصاهر، وهو اسم محمد الذي هزّ مجتمعهم كله من أساسه، ولذا ثبت بسبب هذا التصاهر دخول كثير منهم في الإسلام، ممن لم يسبق لهم الدخول فيه قبل المصاهرة.

ثانيا: وهو الأخطر شأنا، أن هذه الباقة النابهة من الزوجات، وقد اخترن من الله لرسوله، فقد قال له بعد ذلك {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج} ، كان عليهن مهمة تبليغ الرسالة للنصف البشرى الذي يقيده الحياء؛ وهن: النساء، خاصة ما يتصل بتشريع الأنوثة، ولهذا لا تكاد بيوتهن تخلو من أفواج النساء ليتلقين منهن عاطر الوحي الخاص بهن، والدليل بأن هذا تكليف لنساء الرسول وليس مجرد تطوع بالخير منهن هو قوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} ، وخص هذا الأمر مباشرة بهن، فالكلمة {وَاذْكُرْنَ} تكليف بِمَعَانٍ ثلاثة، اذكرن بمعنى احفظن ما أنزله على زوجكن الرسول، اذكرن ذلك في ذوات أنفسكن؛ بمعنى: العمل والتنفيذ لأنكن القدوات لغيركن، وثالث المعاني اذكرن ذلك بين النساء تبليغا وتعليما.

فلما كانت الرسالة بهذا الاتساع والتعاظم، ونصيب المرأة منها كبير، أصبح كثرة المعلمات المتصلات بِسر النبوة شيئا يزيد في كمية العلم المبلَّغ وسعة انتشاره، وعودا إلى كتب الإسلام على اختلاف أنواعها وكثرتها، نجد عائشة وزميلاتها قد أضأن هذه الكتب بما أخرجن من التشريع والعلم، من داخل حجرات النبوة، ليس عن النساء فقط ولكن عن الرجال أيضا، فقمن بتنفيذ الأمر كاملا، فذكرن حفظا وتطبيقا وتبليغا، وهكذا زوجه سبحانه بعدد من النسوة وخاطبهن بالجمع {وَاذْكُرْنَ} لعلمه بما زوج به نبيه، وأن من مهمتهن مساعدة رسوله في تبليغ رسالته الثقيلة ولهذا كُنَّ جديرات بأن يجعلهن أمهات المؤمنين وكأنهن وَلَدْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>