للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جميع أمة زوجهن العظيم، صلى الله عليه وسلم، فكل أمّ يمكن أن تلد، ولكن ليس كل أم يمكن أن تعلم وتربي أبناءها، وهذا هو خير ما في الأم، فأعطاهن الله هذه الصفة كاملة وليس مجرد تشبيه، فلم يقل سبحانه: وأزواجه كأمهاتهم، إنما قال: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} ، حتى إن كبار الصحابة كانوا يرجعون إلى أمهاتهم هؤلاء في كل معضل من الشريعة، ثم إن نبينا عليه الصلوات، لم يكن بدعا من الرسل حين تزوج بهذا العدد المحدود، وهو كثير عند الأعداء والجاهلين، والذي كان لحكمة عظيمة أوضحنا منها ما ذكرنا، والذي تخرج هذه البغضاء من أفواههم، يعلمون يقينا أن أكثر من نبي كريم من أنبيائهم كسليمان عليه السلام، تزوج بتسعين امرأة كما هو ثابت في الحديث الصحيح، فيتركون التسعين ويتكلمون عن التسع، وذلك لحاجة في نفس يعقوب لم يقضها.

وإنه والله زيادة في الكفر، حينما يعترض أحد على من له التصرف في ملكه بما يشاء.. فما دخْلُ الخلق في عمل الخالق؟، حيث الرجال عباده والنساء إماؤه، زوج من يشاء بالعدد الذي يشاء {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَك} {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَه} ، إن الواحد منا لا يقبل من غيره التدخل في شؤونه، فكيف بالتدخل في شأن من له الشأن كله؟، والرسل هم أحبابه وصفوته، يميزهم بما يشاء، ويدخل في ذلك بما يعجز عنه غيرهم، فسبحان من أتم عليهم نعمته خَلْقا وخلقا، وبعد ذلك. أفنحن نسمع الصّم ولو كانوا لا يعقلون.

ثم قال الأعداء وردد أدعياء الإسلام قولهم: إنكم أيها المسلمون تمزقون ما أحكمته أواصر الزواج بتشريد الزوجة وأطفالها بمجرد كلمة طلاق تخرج من فم أحدكم، أما غيركم فلا يطلق إلا بدعوى أمام القاضي ليحكم بالطلاق أو عدمه، وجوابنا من كتاب الله أيضا، فإذا كان بعض الرعناء والحمقى قد أساءوا استعمال كلمة الطلاق فقد خالفوا صميم تعاليم دينهم، ومكنوا عدونا من اصطياد التي ضدنا، وإلى قرآننا وهو نبعنا الذي لا يغور فراته، لنأخذ منه ما نرد به الكيد، ولنرى كيف يعالج الأمر منذ أوّل بادرة شر بين الزوجين، وبصورة ترفع من هام المسلم بهذا التشريع الرفيع، يقول عزّ من قائل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} .

<<  <  ج: ص:  >  >>