للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا... إلى نهاية الآية في قوله تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} .

فَلْيُسَرُّ الشيطان الآن غاية سروره، فقد تحقق له اليوم ما أراده لقد أدت مصيبة إفلات الزمام لامرأة التطور إلى مشكلة من أعقد المشاكل الاجتماعية في عصرنا هذا، وهي مشكلة إعراض الشباب عن الزواج، فبالإضافة إلى مخالفة الشرع بارتفاع قيمة المهر بغير المعقول، أخذ الشاب يتساءل؟ ماذا بقى لي من فتاتي وقد عرضت نفسها في الطرقات للفرجة بغير ثمن، فهل كل فرحتي ليلة الزفاف هو قضاء اللُّبانة، أم أنها جميعها يجب أن تكون لي وحدي؟ ، وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: "خير نسائكم الودود الولود، المواسية المواتية، إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات، وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم"، أي القليلات؛ لأن الغراب الأعصم قليل في نوع الغربان، روى هذا الحديث البيهقي والبغوي وغيرهما، وصحح في الجامع, أما الغلو الذي بلغ حد الخيال في المهر، وأن يكون الخاطب من ذوي المظاهر ماليا وعصريا، ولا يخطر التدين والخلق والاستقامة على بال، فإن أعظم قصة زواج في تاريخ الإسلام لهي صفعة لهؤلاء، الذين عقَّدوا الزواج وجعلوه صفقة تجارية، وهي قصة زواج الزهراء، سيدة البنات بنت سيد الآباء، صلوات الله وسلامه عليه، ورضي الله عن ابنته، فقد اختار الله لها الشاب الفقير عليا رضي الله عنه وكرم وجهه، من دون الصحابة الأغنياء الذين ألحوا على الرسول كثيرا ليظفروا بمصاهرته والتشرف بابنته.

فقد ذكر الإمام القسطلاني شارح البخاري ما حدث في زواج فاطمة رضي الله عنها من حديث أنس،: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ثم خطبهم قائلا: "الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه وسطوته، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بأحكامه، وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، إن الله تبارك اسمه وتعالت عظمته، جعل المصاهرة سببا لاحقا وأمرا مفترضا، أوشج به الأرحام، وألزم به الأنام، فقال عزّ من قائل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً} ، فأمْرُ الله تعالى يجري إلى قضائه، وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكل قضاء قدر، ولكل قدر أجل، ولكل أجل كتاب، يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب، ثم إن الله عز وجل أمرني أن أزوج فاطمة من علي بن أبي طالب، فاشهدوا أني زوجته على أربع مائة مثقال فضة، إن رضي بذلك علي، ثم دعا صلى الله عليه وسلم بطبق من بسْر، ثم قال: انتبهوا، فانتبهنا،

<<  <  ج: ص:  >  >>