للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودخل عليّ، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه، ثم قال: إن الله عز وجل أمرني أن أزوجك فاطمة على أربع مائة مثقال فضة، أرضيت بذلك؟ فقال عليّ، قد رضيت بذلك يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: جمع الله شملكما، وأعز جدكما، وبارك عليكما، وأخرج منكما كثيرا طيبا".

قال أنس: "فو الله لقد أخرج منهما الكثير الطيب"، وقد أولم عَلِىّ عَلى فاطمة بشطر من شعير وتمر وحيس، وكان جهاز فاطمة خميلة، وقربة، ووسادة من أدْم حشوها ليف، ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا الجهاز وقال: "مرحبا بجهاز المساكين"، الله أكبر، سبحان من جعله للناس خير قدوة، ولكن.... تلك قصة زواج سيدة نساء الجنة، مهرها لا يزيد عن أقل أسورة من الفضة تلبسها أفقر نساء اليوم، وجهازها كما سمعتم بما يدمع العين من قول أبيها، وهو الذي عرضت عليه الجبال ذهبا فأباها "مرحبا بجهاز المساكين".

أما اليوم فلم يعد للمسلمين صلة بسنة نبيهم، فعقّدوا الأمر فعقده الله عليهم، وأحاطت بهم المشاكل من كل جانب.

وليس من الخير في شيء أن ننكر الميل الغريزي في المرأة، وأنه أشد منه في الرجل، لولا ما ألقى الله عليها من الحياء، فإن لم نعمل على أن نُكْفَى بما أحلّ الله فماذا يكون إذً؟ لقد سمع عمر رضي الله عنه امرأة تناجي سرير زوجها الغائب بأبيات منها.

فو الله لولا الله لا شيء غيره ... لنُقِّض من هذا السرير جوانبه

ولكنني أخشى رقيبا موكلا ... بأنفاسنا لا يفتر الدهر كاتبه

مخافة ربي والحياء يصدني ... وإكرام بعلي أن تنال مراكبه

فسأل عن زوجها فقيل إنه في الجهاد مع جيش المسلمين، فأمر بأن يؤذن للمتزوجين منهم بالتردد على بيوتهم في فترات متقاربة حسما للفتنة.

وعن تعليم المرأة، نقول: إن الإسلام حرص على تعليم أبنائه رجالا ونساء، لكن على أساس مهمة كل منهما التي عينها لهما الخالق في هذه الدنيا، فللحياة مكانان ليس سواهما، داخل الدار وخارجها، وجعل الدار للأنثى ليكرمها ويصونها في المكان اللائق بها، ولهذا كان أمره الصريح سبحانه إليهن {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} ، ولم تكن بهذا الأمر الكريم الحافظ لها تماما سجينة الدار، فقد سمح لها ولسنين وصلت بها إلى ما قبل سن الاشتهاء، أن تأخذ قسطا

<<  <  ج: ص:  >  >>