للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين، ثم بلغني أنك ابتعت أفراسا بألف دينار وستمائة دينار.

قال أبو هريرة: كانت لنا أفراس تناتجت وعطايا تلاحقت.

قال عمر: قد حسبت لك رزقك ومؤنتك، وهذا فضل فأده.

فقال أبو هريرة: ليس لك.

قال عمر: بلى، والله أوجع ظهرك، ثم قام إليه بالدرة حتى أدماه، ثم قال له: إيت بها.

قال أبو هريرة: احتسبتها لله.

قال عمر: ذاك لو أخذتها من حلال، وأديتها طائعا، أجئت من أقصى البحرين، تجبي الناس لك، لا لله ولا للمسلمين؟! ما رجعت بك أميمة –يقصد أم أبي هريرة- إلا لرعية الحمُر.

١٥_ وكتب رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص واليه على مصر قائلا: " إنه قد فشت لك فاشية من متاع ورقيق وآنية وحيوان، لم تكن حين وليت مصر " فكتب إليه عمرو: " إن أرضنا أرض مزدرع ومتَّجر، فنحن نصيب فضلا عما تحتاج إليه نفقتنا ". فرد عليه عمر بالرسالة الآتية: " إني قد خبرت من عمال السوء ما كفى، وكتابك إليَّ كتاب من أقلقه الأخذ بالحق، وقد سئت بك ظنا، ووجهت إليك محمد بن مسلمة ليقاسمك مالك، فأطلعه وأطعمه، وأخرج إليه ما يطالبك به، واعنه من الغلظة عليك، فإنه برح الخفاء " فلما وصل إليه محمد بن مسلمة أذعن لأمر عمر، رضي الله عنهم أجمعين.

هؤلاء هم الرجال الغرّ العظام، الذين عرفوا حقوق الإنسان لا تأخذهم فيها أقارب ولا مناصب، تعلموها عن ربهم كما أمر بها في كتابه، ومن سنة نبيهم وسيرته حسبما وجه، على أنه عبد رباني لا أرب له في هذه الدنيا إلا أن يترك للعالمين تاريخا من قواعد سامقة لا تحيد ولا تميد، هذا؟ أم الذي وضعه لنفسه إنسان هذا الزمان، فكان أن ملأ الجور كل مكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>