للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجفون، ويقض المضاجع، ويقطع الأرحام، ويفرق الشمل، ويخرب البيوت من المهلكات كالحسد والكذب والنميمة والفرية والقذف والنفاق والخيانة، والعقوق وكفر النعمة ونكران الجميل، وهي تعرف بنوع من الإدراك ما يضرها وما ينفعها، ولكنها في نجوة من أعباء التكليف، وأثقال الأوزار، ومضض الشك، وكرب الحيرة، وعذاب الضمير، وهي تمرض كما نمرض، وتموت كما نموت، ولكنها في راحة من التفكير في عقبى المرض. وفراق الأحباب، وسكرات الموت. ومصير الموتى وراء القبور، والضواري تسفك الدماء لتشبع بلا صرف، ولكنها لا تسفكها أنفاً ولا جنفاً، ولا صلفاً ولا ترفا، ولا علوا في الأرض ولا استكبارا.

ثم يمضي الأستاذ نديم ليختم هذا الجزء من كتابه (قصة الإيمان) فيقول:

أما هذا الحيوان الفيلسوف- يقصد الإنسان- الضعيف الهلوع الجزوع. المطماع، المختال، المترف، المتكبرة المتجبر، السافك الدماء، الذي لا يأتيه شقاء الحياة إلا من تفكيره. فإنه لا علاج لشقائه إلا بالإيمان، فالإيمان هو الذي يقويه، وهو الذي يعزيه، وهو الذي يسليه. وهو الذي يمنيه، وهو الذي يرضيه. وهو الذي يجعله إنساناً يسعى إلى مثله الأعلى لتسجد له الملائكة، انتهى.

إذا ًفكل العلوم التي تدرك من أمر الحياتين أولاها وأخراها. مصدرها ومردها إلى الإيمان، ذلك الينبوع الهادر بالخير كله، في الحال والمآل، فما أتعس من طلب العلم عن غير صفاء النبع، وراح يوقف عمره تحت قيادة الشيطان ليخرب ما عمَّر الله بالمقاتلات والقاذفات. ثم يجلس بجانب الركام يذرف الدمع على ما هدمه بيده على رأسه، {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ} أما وعد الله الذي سيدمر فيه كل هذه الدنيا فسيكون نصيبه أوفر: من هذا الدمار الذي ليس بعده إعمار.

أما نحن فهذا نوع علمنا الذي سعدنا به في اليوم وما بعده يقدمه رسولنا صلى الله عليه وسلم إلى الخليقة كلها {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاس} ، في هذه الأحاديث المتفق عليها، وغيرها كثير.

"ما اكتسب مكتسب مثل فضل علم يهدي صاحبه إلى هدى، أو يرده عن ردى. وما استقام دينه حتى يستقيم عقله".

"إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في جوف البحر، ليصلون على معلم الناس الخير".

<<  <  ج: ص:  >  >>