للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عرب نرى لله في أموالنا ... حق الزكاة منزلا تنزيلا

قال عبد الملك: ليس هذا شعراً، هذا شرح إسلام وقراءة آية ١! ...

وهكذا استمر الأمر، نرى شيئا من الشعر التعليمي في هذا الموضع أو ذاك، حتى إذا جاء العصر العباسي، رأينا الشعراء ينظمون به في جملة موضوعات ومسائل علمية وتاريخية وقصصية إظهاراً للبراعة، ودلالة على قدرتهم على التجديد والابتكار، وتدليلاً على أنهم قد ألموا بمعارف العصر، وثقافات الأمم الأخرى التي نقلت إلى العربية.. وأنهم قد صاروا على شيء من هضم هذا الذي ترجم، فهم يسهمون بدورهم في نقله وإيصاله إلى الآخرين عن طريق هذا اللون من الشعر!.. ومن أوائل هؤلاء الشعراء الذين أخذوا من هذا الفن بطرف السيد الحميري (١٠٥- ١٧٣ هـ) الذي كان مفتوناً مغرماً بنظم القصص والمناقب والأخبار التي تروي عن علي وأبنائه. من ذلك ما يروى من أنه سمع محدثاً يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ساجداً، فركب الحسن والحسين على ظهره، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " نعم المطيّ مطيكما!.." فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولنعم الراكبان هما"!.. فانصرف السيد الحميري من فوره، فقال في ذلك:

أتى حسن والحسين النبي ... وقد جلسا حجره يلعبان

فغدّاهما، ثم حيّاهما ... وكانا لديه بذاك المكان

فراحا وتحتهما عاتقاه ... فنعم المطية والراكبان

وليدان أمّهما بَرَّة ... حَصان مطهّرة للحصان

وشيخهما ابن أبى طالب ... فنعم الوليدان والوالدان ٢

ومن ذلك ما يروى من أن علياً كرم الله وجهه. عزم على الركوب، فلبس ثيابه وأراد لبس خفيه فلبس أحدهما، ثم أهوى إلى الآخر ليأخذه، فانقض عقاب من السماء فأخذ الخف وحلّق به ثم ألقاه، فسقط منه أسود- ثعبان- وانساب فدخل جحراً، فلبس الخف، وحين سمع السيد ذلك قال في سرعة:

ألا يا قوم للعجب العجاب ... لخف أبي الحسين وللحباب

أتى خفاً له وانساب فيه ... لينهش رجله منه بناب

فخرّ من السماء له عقاب ... من العقبان أو شبه العقاب


(١) الموشح للمرزباني بتحقيق الأستاذ البجاوي-لجنة البيان العربي ص٢٤٩ وانظر خزانة الأدب للبغدادي الطبعة السلفية بالقاهرة ج٢/١٣٤ وجمهرة أشعار العرب ص١٧٢.
(٢) الأغاني (دار الكتب) ج١/٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>