للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
مسار الصفحة الحالية:

كذلك القادر على كل شيء، فإذا أراد شيئا كان قوله له: كن، فيكون، ولا يملك ذلك إلا هو سبحانه وتعالى.

ومعنى هذه الآية الكريمة: أن الله تعالى ينكر على المشركين اتخاذهم آلهة من دون الله، ويخبر أنه هو الولي الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده، فإنه القادر على إحياء الموتى، وهو على كل شيء قدير١.

ويقول الإمام الشوكاني في معنى قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} أي بل اتخذ الكافرون من دون الله أولياء من الأصنام يعبدونها؟ وذلك تقدير لانتفاء كون للظالمين ولياً ونصيراً. وفي قوله تعالى: {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} أي هو الحقيق بأن يتخذوه ولياً، فإنه الخالق، الرّازق، الضار، النافع. وقال: وقبل: الفاء جواب شرط محذوف: أي إن أرادوا أن يتخذوا وليا في الحقيقة فالله هو الوليّ، وفي قوله تعالى: {وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي ومن شأنه تعالى أنه يحي الموتى، ويقدر على كل مقدور، فهو الحقيق بتخصيصه بالألوهية، وإفراده بالعبادة٢.

ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في معنى الآية ذاتها: أن الظالمين لأنهم لا يصلحون لصالح، فقد حرموا من الرحمة، فما لهم من دون الله من ولي يتولاهم فيحصل لهم المحبوب، ولا نصير يدفع عنهم المكروه. وأن الذين اتخذوا من دونه أولياء يتولونهم بعبادتهم إياهم فقد غلطوا أقبح غلط، فالله هو الولي الذي يتولاه عبده بعبادته وطاعته والتقرب إليه بما أمكن من أنواع التقربات، ويتولى عباده عموما بتدبيره ونفوذ القدر فيهم، ويتولى عباده المؤمنين خصوصاً بإخراجهم من الظلمات إلى النور، وتربيتهم بلطفه، وإعانتهم في جميع أمورهم٣.

ومثل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} (الشورى آية ٢٨) . ومعنى الولي الحميد هنا: المتصرف وحده بخلقه بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، وهو المحمود العاقبة في جميع ما يقدر ويفعله.


١ تيسير العلي القدير المجلد الثالث ص ٥٦٥.
٢ فتح القدير -الجزء الرابع ص ٥٢٧.
٣ تيسير الكريم الرحمن الجزء السابع ص ٩٤.