للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
مسار الصفحة الحالية:

فقط، لأن المخلوقين أحياء ولكنهم سيموتون، فإذا توكل بعضهم على بعض، تبددت مصالح المتوكلين بموت المتوكل عليهم، لذا علمنا عز وجل أن يكون توكلنا على {الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} وهو الله وحده سبحانه وتعالى.

وقد ذكر الإمام الشوكاني - رحمه الله - أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتوكل عليه في دفع المضار وجلب المنافع فقال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} ، وخص صفة الحياة إشارة إلى أن الحي هو الذي يوثق به في المصالح، ولا حياة على الدوام إلا لله سبحانه، دون الأحياء المنقطعة حياتهم، فإنهم إذا ماتوا ضاع من يتوكل عليهم. والتوكل هو اعتماد القلب على الله في كل الأمور١.

وقد ورد اسم (الحي) في القرآن خمس مرات وذلك على ما يلي:

١- في قوله تعال: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} (البقرة آية ٢٥٥) .

٢- وفي قوله تعالى: {الم اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (آل عمران آية ١، ٢) .

أقول: وقد ورد اسم (الحي) في الآيتين المذكورتين مقترنا باسم (القيوم) بعد إقرار وتجريد توحيد الألوهية لله تعالى سبحانه.

٣- وفي قوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً} (طه آية ١١١) .

أقول: وقد ورد اسم (الحي) في الآية المذكورة مقترنا باسم (القيوم) كذلك، مع بيان أن وجوه الخلائق ذلت وخضعت لجبارها (الحي) الذي لا يموت، القيوم الذي لا ينام، وهو قيم على كل شيء، ولا قوام لشيء إلا به٢، وكذلك مع بيان أنه من يلقى ربه (الحي القيوم) على شيء من الظلم - وهو الشرك - فإنه يكون خائبا خاسرا ٢.

٤- وفي قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} (الفرقان آية ٥٨) .

أقول: وقد أسلفت - قبل قليل - بيان لِمَ لَفَتَنا الله جل وعلا إلى أن يكون توكلنا عليه وحده لأنه {الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} ؛ فلا أرى داعيا لتكراره.


١ فتح القدير الجزء الرابع ص ٨٣، ٨٤.
٢ تيسير العلي القدير المجلد الثالث ص ٢٦.
٢ فتح القدير الجزء الثالث ص ٣٨٧ – بتصرف.