للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
مسار الصفحة الحالية:

٥- وفي قوله تعالى: {هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (غافر آية ٥٦) .

أقول: وقد ورد اسم (الحي) في هذه الآية مع إقرار تجريد توحيد الألوهية لله تعالى سبحانه، مع أمرنا أن ندعوه وحده مخلصين له قلوبنا في كل دعائنا.

وقد ذكر الإمام ابن كثير - رحمه الله - في قوله تعالى: {هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} أي: هو الأول والآخر والظاهر والباطن، الذي لا معبود إلا هو سبحانه.

وذكر في قوله تعالى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي: موحدين له مقرين بألوهيته وربوبيته، كما ذكر أنه روي عن ابن عباس قوله: من قال لا إله إلا الله فليقل على إثرها: الحمد لله رب العالمين، وذلك قوله تعالى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ٣.

وذكر الإمام الشوكاني في قوله تعالى: {هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} أي الباقي الذي لا يفنى، المنفرد بالألوهية، وفي قوله تعالى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي الطاعة والعبادة.

وذكر أنه أخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال: من قال: لا إله إلا الله فليقل على إثرها: الحمد لله رب العالمين، وذلك قوله: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

وقد ذكر الإمام الشوكاني معنى {ادْعُونِي} في قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (غافر آية ٦٠) : قال أكثر المفسرين: (والمعنى: وحدوني واعبدوني، أتقبّل عبادتكم وأغفر لكم. وقيل: المراد بالدعاء السؤال بجلب النفع ودفع الضر، قيل: الأول أولى، لأن الدعاء في أكثر استعمالات الكتاب العزيز هو العبادة. قلت: بل الثاني أولى، لأن معنى الدعاء حقيقة وشرعا هو الطلب، فإن استعمل في غير ذلك فهو مجاز، على أن الدعاء في نفسه باعتبار معناه الحقيقي هو العبادة، بل مخ العبادة، كما ورد بذلك الحديث الصحيح، فالله سبحانه قد أمر عباده بدعائه، ووعدهم بالإجابة، ووعده الحق، وما يبدل القول لديه، ولا يخلف الميعاد، ثم صرح سبحانه بأن الدعاء - باعتبار معناه الحقيقي وهو الطلب - هو من عبادته فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} أي ذليلين


٣ تيسير العلي القدير المجلد الثالث ص ٥٣٩.
١ فتح القدير الجزء الرابع ص ٤٩٩.