صاغرين، وهذا وعيد شديد لمن استكبر عن دعاء الله، وفيه لطف بعباده عظيم، وإحسان إليهم جليل حيث توعد من ترك طلب الخير منه واستدفاع الشر به بهذا الوعيد البالغ، وعاقبه بهذه العقوبة العظيمة، فيا عباد الله وجهوا رغباتكم، وعولوا في كل طلباتكم على من أمركم بتوجيهها إليه، وأرشدكم إلى التعويل عليه، وكفل لكم الإجابة به بإعطاء الطلبة، فهو الكريم المطلق الذي يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، ويغضب على من لم يطلب من فضله العظيم وملكه الواسع ما يحتاجه من أمور الدنيا والدين٢.
أقول: ومن ثم فإن اسم (الحي) - وهو من أسماء الله تعالى الحسنى - يتضمن معنى تفرد الله - عز وجل - بالبقاء الدائم الذي لا فناء معه على الإطلاق، فمن علم أنه هكذا، وأنه يتضمن جميع صفات الكمال الذاتية، وآمن أن الله تعالى وحده هو مصدر كل حياة؛ فإنه لابد أن يجعل اللجأ إليه وحده سبحانه، ضارعا إليه أن يرزقه الحياة الطيبة التي يحس فيها بسعادة العيش، حياة الجسم المعافى من كل داء، وحياة القلب المعافى من كل سوء.