للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:

((يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء)) أذنبت الذنوب الكثيرة العظيمة التي ملأت الأرض وارتفعت إلى عنان السماء، إلى السحاب، إلى الأفق فإنك يقول: لو بلغت ذنوبك كثرة إلى عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، لكن بالشروط المعروفة، مع انتفاء الموانع المعروفة، غفرت لك ((يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض)) يعني بملء الأرض أو بما يقارب ملئها ((خطايا، ثم لقيتني)) بشرط ((لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة)) لا تشرك بي شيئاً نكرة يشمل قليل الشرك وكثيره، صغيره وكبيره، وبهذا يستدل جمع من أهل العلم أن الشرك الأصغر لا يغفر {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(٤٨) سورة النساء] الكبائر كلها تحت المشيئة، لكن الشرك لا يقبل المغفرة، لكن الفرق بين الشرك الأصغر والذنوب أنه لا بد من أن يعذب عليها، والفرق بينه وبين الأكبر أن صاحب الشرك الأكبر مخلد في النار، لكن صاحب الشرك الأصغر إذا عذب مآله إلى الجنة.

((لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

وهذا يبين عظمة التوحيد، وتحقيق التوحيد، وتصفية التوحيد من شوائب الشرك صغيره وكبيره، من البدع من المعاصي ليدخل الجنة وينجو من النار، وهنا أيضاً وعيد لمن لا يشرك بالله شيئاً، يعني جميع صور الشرك كفيلة بأن يغفر للإنسان ما اقترفه من ذنوب، قد يقول قائل: إما أنه قد لا يكون مشرك، لكنه يرتكب محرمات قد يترك الصلاة ولا يشرك، نقول: لا، إذا ترك الصلاة فهو مشرك، لماذا؟ لأنه اتخذ إلهه هواه، ولذا جاء في الحديث: ((بين الكفر وبين الشرك ترك الصلاة)) فلا يرد على هذا أنه إذا كان لا يشرك لكن لا يصلي أنه يغفر له عند من يقول بكفر تارك الصلاة، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب:. . . . . . . . .

ما في شيء خلاص انتهينا.

<<  <  ج: ص: