يُفْقَدْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَمْ يَفْقِدُوا شَيْئًا مِنْ أَمْتِعَتِهِمْ، هَذَا وَهُمْ أَوْلِيَاءُ، مِنْهُمْ صَحَابِيٌّ وَتَابِعِيَّانِ فما الظن لو (كان) الاحتياج إِلَى ذَلِكَ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ وَخَاتَمِهِمْ، وَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَإِمَامِهِمْ لَيْلَتَئِذٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ الَّذِي هو محل ولايتهم، ودار بدايتهم، وخطبيهم يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً فِي الْجَنَّةِ، وَأَوَّلِ شافع فى الحشر، وفى الخروج من النار، وفى دخول الْجَنَّةَ، وَفِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ بِهَا، كَمَا بَسَطْنَا أَقْسَامَ الشَّفَاعَةِ وَأَنْوَاعَهَا، فِي آخِرِ الْكِتَابِ فِي أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ.
وَسَنَذْكُرُ فِي الْمُعْجِزَاتِ الْمُوسَوِيَّةِ مَا وَرَدَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، مما هُوَ أَظْهَرُ وَأَبْهَرُ مِنْهَا وَنَحْنُ الْآنُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمُعْجِزَاتِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْخُنَا سِوَى مَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، وَهُوَ فِي مُجَلَّدَاتٍ ثَلَاثٍ: الْفَصْلُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ فى ذكر موازنة الأنبياء فى فضائلهم، بفضائل نبينا، وما قبلة مَا أُوتُوا مِنَ الْآيَاتِ بِمَا أُوتِيَ، إِذْ أُوتِيَ مَا أُوتُوا وَشِبْهَهُ وَنَظِيرَهُ، فَكَانَ أَوَّلَ الرُّسُلِ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَآيَتُهُ الَّتِي أُوتِيَ شِفَاءُ غَيْظِهِ، وَإِجَابَةُ دَعْوَتِهِ،. فِي تَعْجِيلِ نِقْمَةِ اللَّهِ لِمُكَذِّبِيهِ، حَتَّى هَلَكَ مَنْ عَلَى بَسِيطِ الْأَرْضِ مِنْ صَامِتٍ وَنَاطِقٍ، إِلَّا مَنْ آمَنَ به ودخل معه فى سَفِينَتَهُ، وَلَعَمْرِي إِنَّهَا آيَةٌ جَلِيلَةٌ، وَافَقَتْ سَابِقَ قدر الله وما قد علمه فى هلاكهم، وَكَذَلِكَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَذَّبَهُ قَوْمُهُ وَبَالَغُوا فِي أَذِيَّتِهِ، وَالِاسْتِهَانَةِ بِمَنْزِلَتِهِ من الله عز وجل، حتى ألقى السفيه عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ سَلَا الْجَزُورِ عَلَى ظَهْرِهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالْمَلَأِ مِنْ قُرَيْشٍ «١» .
ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ مسعود كما تقدم.
كما ذِكْرُنَا لَهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ فِي وضع الملأ من قريش على
(١) أخرجه البخاري في كتاب الجزية (٣١٨٥) (٩/ ٤٠٦) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute