[مائدة عيسى وما يناسبها من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم]
وَأَمَّا قِصَّةُ الْمَائِدَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢) قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ (١١٣) قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١٤) قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لَا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (١١٥)
«١» .
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّفْسِيرِ بَسْطَ ذَلِكَ وَاخْتِلَافَ الْمُفَسِّرِينَ فِيهَا هَلْ نَزَلَتْ أَمْ لَا عَلَى قولين، والمشهور عن الجمهور أنها نزلت، واختلفوا فِيمَا كَانَ عَلَيْهَا مِنَ الطَّعَامِ عَلَى أَقْوَالِ.
وَذَكَرَ أَهْلُ التَّارِيخِ أَنَّ مُوسَى بْنَ نُصَيْرٍ، الَّذِي فَتَحَ الْبِلَادَ الْمَغْرِبِيَّةَ أَيَّامَ بَنِي أُمَيَّةَ وَجَدَ الْمَائِدَةَ، وَلَكِنْ قِيلَ: إِنَّهَا مَائِدَةُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مُرَصَّعَةٌ بِالْجَوَاهِرِ وَهِيَ مِنْ ذَهَبٍ فأرسل به إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ، فَتَسَلَّمَهَا أَخُوهُ سُلَيْمَانُ، وَقِيلَ: إِنَّهَا مَائِدَةُ عِيسَى، لَكِنْ يَبْعُدُ هَذَا أَنَّ النَّصَارَى لَا يَعْرِفُونَ الْمَائِدَةَ كَمَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمَائِدَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ قَدْ نَزَلَتْ أَمْ لَمْ تَنْزِلْ وقد كَانَتْ مَوَائِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُمَدُّ مِنَ السَّمَاءِ وَكَانُوا يَسْمَعُونَ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَمْ قَدْ أشبع من طعام يسير ألوفا ومئات وعشراتص ما تعاقبت الأوقات، وما دامت الأرض والسموات، وهذا أبو مسلم الخولانى.
(١) سورة المائدة، الآيات: ١١٢- ١١٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute