للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ

قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ رحمه الله: وَأَمَّا خُمُودُ النَّارِ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَدْ خَمَدَتْ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نار فارس لِمَوْلِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ بِعْثَتِهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَخَمَدَتْ نَارُ إِبْرَاهِيمَ لِمُبَاشَرَتِهِ لَهَا، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَسَافَةُ أَشْهُرٍ كَذَا.

وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ خُمُودِ نَارِ فَارِسَ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ الْكَرِيمِ، قَدْ ذَكَرْنَاهُ بِأَسَانِيدِهِ وَطُرُقِهِ فِي أَوَّلِ السِّيرَةِ، عِنْدَ ذَكَرِ الْمَوْلِدِ المطهر الكريم، بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَمَقْنَعٌ.

ثُمَّ قَالَ شَيْخُنَا: مَعَ أَنَّهُ قَدْ أُلْقِيَ بَعْضُ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي النَّارِ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ بِبَرَكَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمْ أَبُو مُسْلِمٍ الخولانى، قال: بينما الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ الْعَنْسِيُّ بِالْيَمَنِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أبى مسلم الخولانى فقال: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أسمع، فأعاد إليه، قال: ما أسمع، فأمر بنار عظيمة فأججت فطرح فِيهَا أَبُو مُسْلِمٍ فَلَمْ تَضُرَّهُ، فَقِيلَ لَهُ: لَئِنْ تَرَكْتَ هَذَا فِي بِلَادِكَ أَفْسَدَهَا عَلَيْكَ، فَأَمَرَهُ بِالرَّحِيلِ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَامَ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي، فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ الرَّجُلُ؟

قَالَ: مِنَ الْيَمَنِ، قَالَ: مَا فَعَلَ الله بصاحبنا الذى حرق بِالنَّارِ فَلَمْ تَضُرَّهُ؟

قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بن أيوب، قَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نعم، قال: فقبل ما بين عينيه ثم جاء بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمَّ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ بِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَهَذَا السِّيَاقُ الذى أورده شيخنا بهذه الصفة.

<<  <   >  >>