للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِسُقُوطِ قَوَائِمِ فَرَسِهِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ أَمَانًا كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الْهِجْرَةِ.

وذكر ابن حامد فى كتابه فى «المقابلة» إِضْجَاعِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَدَهُ لِلذَّبْحِ مُسْتَسْلِمًا لأمر الله تعالى، ببذل رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ يَوْمَ أُحُدٍ وَغَيْرَهُ حَتَّى نَالَ مِنْهُ الْعَدُوُّ مَا نَالُوا، مِنْ هَشْمِ رَأَسِهِ، وَكَسْرِ ثَنِيَّتِهِ الْيُمْنَى السُّفْلَى، كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ فِي السِّيرَةِ، ثُمَّ قَالَ: قَالُوا: كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلْقَاهُ قَوْمُهُ فِي النَّارِ فَجَعَلَهَا اللَّهُ بَرْدًا وَسَلَامًا، قُلْنَا: وَقَدْ أُوتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ بِخَيْبَرَ سَمَّتْهُ الْخَيْبَرِيَّةُ، فَصُيِّرَ ذَلِكَ السُّمُّ فِي جَوْفِهِ بَرْدًا وَسَلَامًا إِلَى منتهى أجله، والسم عرق إِذْ لَا يَسْتَقِرُّ فِي الْجَوْفِ كَمَا تَحْرِقُ النَّارُ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ فِي فَتْحِ خَيْبَرَ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ أَنَّ بِشْرَ ابن الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ مَاتَ سَرِيعًا مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ، وَأَخْبَرَ ذِرَاعُهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أُودِعَ فِيهِ مِنَ السُّمِّ، وَكَانَ قَدْ نَهَشَ مِنْهُ نَهْشَةً، وَكَانَ السُّمُّ فِيهِ أَكْثَرَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْهَمُونَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الذِّرَاعَ، فَلَمْ يَضُرَّهُ السُّمُّ الَّذِي حَصَلَ فِي بَاطِنِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى انقضى أجله، فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ حِينَئِذٍ مِنْ أَلَمِ ذَلِكَ السم الذى كان فى تلك الأكلة صلى الله عليه وسلم،.

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي تَرْجَمَةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيِّ، فَاتِحِ بِلَادِ الشَّامِ، أَنَّهُ أُتِيَ بِسُمٍّ فحثاه بِحَضْرَةِ الْأَعْدَاءِ لِيُرْهِبَهُمْ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَرَ بَأْسًا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ثُمَّ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فإن قيل: فإن إبراهيم خصم نمروذ بِبُرْهَانِ نُبُوَّتِهِ فَبَهَتَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ «١» قِيلَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ الكذاب بِالْبَعْثِ، أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ، بِعَظْمٍ بَالٍ فَفَرَكَهُ وقال: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٥٨.

<<  <   >  >>