محمد رسول الله، فعرفت أَنَّكَ لَمْ تُضِفْ إِلَى اسْمِكَ إِلَّا أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَيْكَ، فَقَالَ اللَّهُ: صَدَقْتَ يَا آدَمُ، وَلَوْلَا مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُكَ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: رَفَعَ اللَّهُ ذِكْرَهُ، وقرنه بِاسْمِهِ فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَكَذَلِكَ يَرْفَعُ قَدْرَهُ وَيُقِيمُهُ مَقَامًا مَحْمُودًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ، وَيَرْغَبُ إِلَيْهِ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ حَتَّى إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ.
كَمَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فيما سلف وسيأتى أيضا، فإن التنويه يذكر من الأمم الخالية، والقرون السابقة.
ففى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا أُخِذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقُ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لِيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلَيَتَّبِعَنَّهُ وَلَيَنْصُرَنَّهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أُمَّتِهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهْمُ أَحْيَاءٌ لِيُؤْمِنُنَّ بِهِ وليتبعنه، وقد بشرت بوجوده الأنبياء حتى آخِرَ مَنْ بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَاتَمُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَذَلِكَ بَشَّرَتْ بِهِ الْأَحْبَارُ وَالرُّهْبَانُ وَالْكُهَّانُ. كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ مَبْسُوطًا، وَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ رُفِعَ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ حَتَّى سَلَّمَ عَلَى إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، ثُمَّ جَاوَزَهُ إِلَى الْخَامِسَةِ ثُمَّ إِلَى السَّادِسَةِ فَسَلَّمَ عَلَى مُوسَى بِهَا، ثُمَّ جَاوَزَهُ إِلَى السَّابِعَةِ فَسَلَّمَ على إبراهيم الخليل عِنْدَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، ثُمَّ جَاوَزَ ذَلِكَ الْمَقَامَ، فرفع لمستوى سمع فِيهِ صَرِيفُ الْأَقْلَامِ، وَجَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَرَأَى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْكُبْرَى، وصلى بالأنبياء، وشيعه من كل مُقَرَّبُوهَا، وَسَلَّمَ عَلَيْهِ رِضْوَانُ خَازِنُ الْجِنَانِ، وَمَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، فَهَذَا هُوَ الشَّرَفُ، وَهَذِهِ هِيَ الرِّفْعَةُ، وَهَذَا هُوَ التَّكْرِيمُ وَالتَّنْوِيهُ وَالْإِشْهَارُ وَالتَّقْدِيمُ وَالْعُلُوُّ وَالْعَظَمَةُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ أَجْمَعِينَ، وَأَمَّا رَفْعُ ذِكْرِهِ فِي الْآخِرِينَ، فَإِنَّ دِينَهُ بَاقٍ نَاسِخٌ لِكُلِّ دِينٍ، وَلَا يُنْسَخُ هُوَ أَبَدَ الْآبِدِينَ وَدَهْرَ الدَّاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَلَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِهِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute