منهم ممثلا لهم إلى المدينة ليتفاوض مع محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك ليمد الهدنة عشر سنوات أخرى.
لكن أبا سفيان رأى الموقف حرجا ودقيقا للغاية فاختلف إلى بيت أم حبيبة خلسة متسللا ليعرض عليها مطلوب قريش، ولم يكن قد رآها قبل هجرتها إلى الحبشة ... ووقف أمام ابنته، وقد فوجئت أم حبيبة بأبيها يقف أمامها وفي عقر دارها، ثم أذن لنفسه أن يجلس على الفراش من تلقاء نفسه من غير أن تأذن له، فما راعه وروّعه وفت في ساعده إلا أن وثبت أم حبيبة فاختطفت الفراش الذي قعد عليه أبوها وسحبته من تحته وطوته في قوة وصلابة، فسألها وهو يلوذ بالصبر والحلم والاحتمال:
«أطويته يا بنية رغبة بي عن الفراش، أم رغبة بالفراش عني؟؟!!» .
وكان ردها صارما قاسيا:
«هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت رجل مشرك، فلم أحب أن تجلس عليه!!» .
قال أبو سفيان، وهو يعتصر من داخله والألم يفري كبده، وقد كسرت كلمات رملة فقار ظهره، وصفعته على جبينه وصكته صكا:
«لقد أصابك يا بنية بعدي شر» .
وانصرف كالح الوجه كاسف البال، مقهور القلب، مكسور الجناح، واهي العزيمة، واهن القوة، مهدود القوى خائرها، مقوّض الأركان، مغشيا عليه.
ثم لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمر فلم يجبه بشيء، فانصرف إلى أبي بكر فرفض، ثم ذهب بعد ذلك إلى عمر، ثم إلى علي رضي الله عنهم أجمعين متوسلا إليهم مستشفعا بهم أن يشفعوا له عند محمد صلى