للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال أبو سفيان:

«بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما أحلمك وما أكرمك وما أوصلك!! أما هذه، فو الله إن في النفس منها حتى الان شيئا!» .

لكن ما لبث أبو سفيان أن صدع بكلمة الحق تدوي على ملأ الأشهاد ليشهد ألاإله إلّا الله، وأن محمدا رسول الله حقا وصدقا، وأن الدين عند الله الإسلام ...

وينادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن «دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق من دونه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن» .

كانت في تلك اللحظات (رملة) تجلس واجمة حزينة مهمومة، وهي لا تملك شيئا، ولكن في لحظة عابرة سرح بخاطرها شعور لذيذ جميل، وهو من محصول التداعيات الكثيرة التي تعتمل في فكرها، وتجول وتصول في صدرها ... وهي ما الذي يمنع أن يدخل أبو سفيان وابنه معاوية في الإسلام مثلما حدث مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما؟؟ وورد على خاطرها في نفس اللحظة قوله تعالى:

عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً، وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «١» .

وما لبثت وهي يخامرها هذا الخاطر الجميل، ويساورها ويراوحها حتى


(١) الممتحنة (٦٠/ ٧) . راجع التفسير الكبير للفخر الرازي (٢٩/ ٣٠٣) وفيه يقول- رحمه الله-: «وعسى وعد من الله تعالى، وقد حقق تعالى ما وعدهم به من اجتماع كفار مكة بالمسلمين، ومخالطتهم لهم حين فتح مكة» أهـ. بتصرف.

<<  <   >  >>