بلغها إسلام أبيها، فطارت فرحا، وانتشت غبطة تحمد الله، وتشكر فضله، وخرت له ساجدة شاكرة، وقد انزاح عن كاهلها جبال من الهموم أثقل من أحد وشهلان، وطرحت عن ظهرها أثقالا فادحة زلزلت كيانها منذ كانت في ديار الغربة وما لقيته فيها من عذاب وعنت ومشقة.
وعند ما شعرت بدنو ساعة الرحيل، وكان لا بد من دنو قطافها يوما من الأيام بعد أن جاهدت في سبيل الله حق جهاده، بعثت لعائشة لتحللها مما كان بينهما من هفوات أو هنوات تكون بين الضرائر عادة فقالت لعائشة وقد دعتها إليها:
«قد كاد أن يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فتحلليني من ذلك» أو قالت: قد يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك» ، فحللتها عائشة، واستغفرت لها، فقالت لها:
«سررتني سرك الله» وفعلت نفس هذا الأمر مع أم سلمة بنت زاد الركب» .
ثم صعدت الروح الطيبة إلى بارئها وثوى الجسد الطاهر المسجى في بقيع المدينة رضوان الله عليها.