قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم معها وعاش في كنفها أربعا وعشرين سنة، وطوال هذه العشرة الطيبة، والألفة الصافية، والمتعة الضافية وحبه صلى الله عليه وسلم لها يزداد رسوخا ووثوقا وتمكينا يوما بعد يوم، فهي لم تأل جهدا، ولم تدخر وسعا في سبيل إرضائه وإزاحة كل منغصات الحياة وأشواكها عن طريقه، لذلك فإنه صلى الله عليه وسلم لم يتزوج عليها في حياتها، لأنه لم يكن في حياته أدنى فراغ ينشد أو يريد امتلاء وتعويضا عن غائب أو فائت أو متروك.
انتقلت إلى بارئها، وعوجلت إلى ربها راضية مرضيا عنها، عن عمر بلغ أربعا وستين سنة، وستة أشهر.
كانت وفاتها خسارة جسيمة، وكارثة فادحة، ولم يكن هناك بد من التفويض وتسليم الأمر لله سبحانه وتعالى، فإن أمره تعالى كان مقضيا، لكنها لوعة الفراق، وحرقة البعاد، وتباريح المزايلة لا سيما بين المحبين، لكن مقدور الله غير مدفوع.
وقد أنجبت «١» من رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أولاد، وقد توفي منهم القاسم وعبد الله في طفولتهما، وقد ماتا في حياتها، ثم تركت له أربع بنات: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة رضي الله عنهن.