ثم قالت لخولة بنت حكيم السلمية: أدخلي على أبي فاذكري له ذلك..
فدخلت على أبيها وكان شيخا كبيرا طاعنا في السن، وسرعان ما قصت عليه الموضوع فانتشى جذلان فرحا وقال: كفء كريم. فماذا تقول صاحبته؟ يقصد سودة ابنته ... وعلى الفور أجابت خولة: إنها تحب ذاك ... فسألها تدعوها إليه، فلما جاءت تلقاها قائلا:
«أي سودة، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسل يخطبك، وهو كفء كريم، أفتحبين أن أزوجكه؟ قالت: نعم.
وبنى صلى الله عليه وسلم على سودة بنت زمعة بمكة وكانت الصديقة بنت الصديق يومئذ لم تتعد السنوات الست من عمرها.
وكانت سودة بنت زمعة بهذا الزواج الكريم والبناء عليها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صارت زوجا لأشرف الخلق، وأكرم الناس جميعا عند الله تعالى، نبيه ورسوله ومصطفاه المجاهد في سبيل الله المبشر بالجنة.
كذلك صارت من تلك اللحظة التاريخية الحاسمة أما للمؤمنين، وهذا فخر وشرف ورفعة لا يدانيه فخر وشرف ورفعة.
كانت سودة بنت زمعة موسومة بحسن الخلق، وكرم الطبيعة، ونظافة الطوية، وسلامة الصدر، وطهارة الدخيله، مشهورة بالصدق والإحسان، وهي من فضليات نساء المسلمين ومن أوائل الداخلين في دين الإسلام.
وكانت تزوجت قبل ذلك من ابن عمها السكران بن عمرو بن عبد شمس، الذي كان هو الاخر أيضا من السابقين الأولين للإسلام، وقد سبقت سودة زوجها إلى الإسلام، وكان لحق بها إلى هذا الشرف الكبير الذي لا مزيد عليه.
وأنجبت سودة من ابن عمها خمسة أبناء، وقيل بل ستة أبناء، ثم هاجر