لذلك كان مبدأ الإسلام قائما على إكرامها في كل أطوارها من أم، وابنة، وزوجة، وأخت في النسب، وأخت في الله، مع الحدب عليها، والصبر عليها، والقيام بواجبها خير قيام، وجعل هذا الإكرام واجبا مسنونا أولا، ثم من تمام المروءة والأريحية ثانيا.
ولا تستقر، ولا تستقيم أمور أمة من الأمم إلا بطهارة نسائها، وذكاء فطرهن، وقد كانت المرأة العربية مضربا للأمثال في قوة الشخصية، وعزة النفس، ورجاحة العقل، وقوة الحجة، ولزوم المحجة، بالحرص على طاعة الله، ولزوم سنته، والقيام بأمره في شئونها الخاصة والعامة، بفكر واع مستقيم مستنير.
لكن الجريمة النكراء التي لا ينفع معها تسويغ أو تبرير، كانت وأد البنات، بدفنهن أحياء صغارا، فجاء الإسلام برحمته المسداة فقضى على هذه العادة المرذولة التي لطخت بسوادها صفحة العرب في الجاهلية الجهلاء.
ومن غير المقبول أن يقر الإسلام هذه الهمجية والحمق غير الإنساني الذي كان حيفا وجورا وقع على المرأة، ولم يكن لها ذنب فيه ولا جريرة.
لذلك فقد رفع عنها الإسلام إصر الجاهلية الجائرة، وقصف وثلم سيف الباطل الذي ظل ردحا طويلا من الزمان مشروعا ومصلتا على رقبتها، فرفع الله شأنها، وأحيا مواتها، وانتاشها من كرب الهلاك والهوان، ثم أعطاها حقوقا كانت مغموطة، ومسلوبة منها، فأصبحت مصونة محفوظة مضنونا بها، محتفى بمكانتها.
فلما أعطاها الإسلام كل هذه العطاآت والمنح والهبات، كانت فرحتها به لا توصف، لذلك وقفت لتنافح عنه، وتذب عن حياضه، وتحرس بيضته لقاء وكفاء ما قدم لها، فكان للمسلمات المؤمنات مواقفهن المشهودة المشهورة التي يحفظها التاريخ لهن.