كانت أمهات المؤمنين، والصحابيات الأوليات أعطين نماذج وطرزا فريدة على مكرورة في عالم المثل والقيم العليا النادرة الوجود العزيزة المثال.
وقد عمدنا إلى هذه الدراسة الجادة المتواضعة في شخصيات هؤلاء اللاتي وقفن بقوة وصلابة إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحوله، وقد بذلن كل نفس ونفيس في سبيل الذود عن بيضة الدين حتى كنّ في أتون المعارك، وفي رهج الميدان يسقين المرضى، ويداوين الجرحى، فكنّ لذلك مرضيا عنهن، فقد كنّ- رضوان الله عليهن- طاهرات الذيول، عفيفات الأزر، نظيفات الذيول، مبرآت من المشاين التي تلحق سواد النسوة، بريئات من أرجاس الهوى، وحوب النفس.
وعلى الرغم من ندرة المصادر، وقلة المراجع في هذا الصدد، فإنّ كثيرا من أخبارهن وسيرهن لم يصل إلينا، وهذا يكون كفيلا عادة بالقطيعة التاريخية، وهو ما يكون مسوغا ومبررا للتقاعس والتدابر والتهاون في توفية دراسة وترجمة جامعة دقيقة للقصور الجلي في المصادر الأساسية.
لكننا لما كنا عقدنا العزم الأكيد على ذلك، استعانة بالله، وتوكلا عليه، وثقة بلطفه، لم يفتّ في ساعدنا يأس أو تدابر لصعوبة المسألة مما جعلنا نستسهل الصعب، ونستمرئ الشاق، ولا نكاد نشعر بأدنى حرج أو عنت، وهو المظنون أن يكون من أهم المعوقات لاستيفاء دراسة ندرت مصادرها ومراجعها، وشطّت نواها، ونأت ديار غربتها عن عالم التأليف والتصنيف.
وقد حرصنا على سرد المراجع في الهامش ما وجدنا سبيلا وداعيا إلى ذلك، حتى يرجع من يشاء إليها لمزيد من البسط والتفصيل.
ولئن كانت المصادر بالندرة التي ذكرنا آنفا، فقد كثر تعويلنا على أصول منها معتبرة لها مكانتها العلمية والتاريخية في مجال التراجم.