للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام الفخر الرازي في تفسيره الكبير:

الإفك أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء، وقد أجمع المسلمون على أنّ المراد ما أفك به على عائشة، وهي زوجة الرسول المعصوم «١» .

ثم يتوعد القرآن الكريم أولئك الخراصين والمنافقين بقوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «٢» .

إن المحصنات الغافلات المؤمنات، السليمات الصدور، المبرآت من العيوب، النقيات الجيوب، الطاهرات الذيول لهن درجتهن عند الله تعالى، فمن قذفهن ووقع في أعراضهن، باء بغضب الله تعالى ولعنه وسخطه، والولوغ في الدماء قد يكون أهون مئات المرات من الولوغ في الأعراض، إذ إن الحرة تضيق عليها الأرض بما رحبت وترى الموت أشرف وأكرم لها من مجرد القذف في شرفها، والاستطالة على سيرتها وسمعتها.

قال ابن عباس- رضي الله عنهما-: هذا اللعن- في الاية الشريفة- فيمن قذف زوجات النبي صلى الله عليه وسلم إذ ليس له توبة، ومن قذف مؤمنة جعل الله له توبة «٣» . ذلك لأن قاذف أم المؤمنين متجرئ على كل المؤمنات.


(١) التفسير الكبير للفخر الرازي (٢٣/ ١٧٢) وقال المفسرون: والخير في ذلك من خمسة أوجه: «تبرئة أم المؤمنين، وكرامة الله لها بإنزال الوحي في شأنها، والأجر الجزيل لها في الفرية عليها، وموعظة المؤمنين، والانتقام من المفترين» راجع التسهيل لعلوم التنزيل (٣/ ٦١) بتصرف. انظر القصة كاملة أيضا في مختصر ابن كثير (٢/ ٥٩١) والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٢/ ٢٠٢) وكشاف الزمخشري (٢/ ٢٢٥) .
(٢) النور (٢٤/ ٢٣) .
(٣) حاشية الشيخ زاده علي البيضاوي (٣/ ٤٣٠) .

<<  <   >  >>