للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكان بديهيا أن تظهر دلائل وأمارات ومخايل هذه الواشجة الروحية الوثيقة من الدنيا إلى الآخرة، فقد دفن صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة. جزاه الله خير ما يجزى نبي عن أمته.

بعد أن انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، بقيت السيدة عائشة رضي الله عنها وحيدة وقد غشيها سكون رهيب وتراوحتها وحشة وحرمان واستيحاش؛ فإن حياة الوحدة أو وحدة الحياة بالغة القسوة والشدة على مثلها وقد كانت ملء السمع والبصر، وملء القلب والفؤاد من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وها هي لم تنجب ولدا ليكون سلوانا وإيناسا لها في غربة هذه الحياة الدنيا.

ثم أرادت عائشة أن تدفع عن نفسها شيئا من تباريح الوحدة وآلام الغربة في الأهل فعمدت إلى أبناء إخوتها تتلمس فيهم وتلتمس منهم أن يسدوا خلتها، ويرأبوا هذا الحرمان الذي تعاني منه وهو الحرمان من الأمومة.

أنزلت لأجل ذلك ابن أختها أسماء (عبد الله بن الزبير) منزل الابن، وكنيت به إذ كان يقال لها: «أم عبد الله» ، كذلك ضمت إليها القاسم ابن أخيها عبد الرحمن، وابنته وكانت طفلة صغيرة.

لكن عبد الله بن الزبير استدرجها إلى «موقعة الجمل» وقد بسطنا البحث فيها في كتابنا: «العشرة المبشرون بالجنة» وكانت هي الآخرى بلية وفتنة كبرى.

لكن الفقه الإسلامي مدين لاراء عائشة القيّمة حيث كان لها دور كبير مشهود يعرفه ويقدره العارفون.

<<  <   >  >>