وأعظم من هذا ومن ذاك، كان لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتصبح بذلك أم المؤمنين.
تزوجها رسول الله سنة ثلاث للهجرة- وفي بعض الأقوال سنة اثنتين للهجرة- وعاشت بعد وفاة النبي في المدينة إلى أن توفيت بها سنة خمس وأربعين للهجرة، وقد ورد لها في الصحيحين ستون حديثا صحيحا متفقا عليها.
كان زوجها الأول خنيس بن حذافة بن قيس السهمي، هو الرجل الوحيد من بني سهم الذي شهد بدرا، فهو بدري، وهو أيضا من أصحاب الهجرتين.
وقد شهد أحدا بعد ذلك، وكانت وفاته بدار الهجرة، بسبب جراحة جرحها يوم أحد.
ترك خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي أرملته الشابة الفاتنة الحسناء حفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية، تركها للوحدة تعاني بعده استيحاش الحبيب وفراقه الذي لا لقاء بعده في الدنيا مرة أخرى.
لم تكن صورة الرجل الصالح تبرح مخيلتها برهة من زمان، ولم تزايلها طرفة عين، وانعكس ذلك على نفسيتها وعلى بدنها حيث طفق يجتالها الهم، ويغتال جسمها المكدود طول التفكير في الغائب الحاضر، القريب وهو بعيد.
تمر الأيام والأسابيع والأشهر، وهي في حداد وحزن مقيم على بعلها أربى على ستة أشهر أو يزيد، ولا جرم أن أباها كان متأثرا جدا لحال ابنته الشابة الأرملة في عنفوان شبابها وهي لم تعد ثماني عشرة سنة من عمرها، فهي في خير عمرها وشبابها الباكر.
ولم يكن يشعر بعذابها مثل أبيها عمر رضي الله عنه، حتى كأنه كان يقرأ كل ما يدور برأسها من هواجس، وما يجري في داخلها من اختلاج، وكان يتألم