صميم القلب، إنها مقولة عمر التي لم تنسها طرفة عين، بل لا يمكن أن تنساها أبدا، لأنها تصدع الصخر، وتشدخ الفولاذ، ويلين لها قاسي الحديد، جاسي الطبع، ولعلها من أبلغ العقوبات، وأقسى وأعصى أنواع الزجر من أب مثل عمر، لابنة مثل حفصة ...
ذات يوم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه زوجته مارية القبطية فدخلا معا غرفة حفصة ليتسرى بها ... !!
ولما انصرفت مارية، هاجت الثورة النفسية في داخل حفصة، ولم تستطع كتمان هذا الشعور الهادر، ولا قدرت على احتماله، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لقد رأيت من كان عندك، والله لقد سبيتني، وما كنت لتصنعها لولا هواني عليك!) .
ثم انفجرت بالبكاء والعويل يعلو نشيجها، وعليها قد تظاهرت الهواجس والتداعيات، وهي تتذكر قول أبيها عمر، وما تشعر به في دخيلتها، ثم يأتي هذا المشهد بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، أو ثالثة الأثافي ...
أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفقة بها والحدب عليها، والحنو على رقتها وضعفها، وتألم مما سمعه منها، فأقبل عليها بوجهه المشرق ليسري عنها ويهدئ من روعها، فأسر إليها بأن مارية قد صارت محرمة عليه من تلك اللحظة، وقد أوصاها أن تصون هذا السر، وليظل مكتوما محبوسا في داخلها، ولا تطلع عليه أحدا، ولا يعلم به قريب أو بعيد.
لم تصدق حفصة نفسها وهي تسمع هذا الخبر السار، وشعرت أن الجرح